مصر بين الأمس واليوم.. وداعاً للطبقة الوسطى
(1)
استعير هذا العنوان من عنوان لكتاب لرمزي زكي، أصدره منذ أكثر من خمس عشرة سنة، وهو كتاب مع كتابَين آخرين له يعتبر موضوعهم من أهم ما يتلاءم مع وضعنا الحاضر على مدى الأعوام الثلاثة الأخيرة، والكتابان الآخران هما «الليبرالية المستبدة» و «الليبرالية المتوحشة» أصدرهما في تسعينيات القرن العشرين.
والطبقة الوسطى التي هتف بتوديعها الكاتب الجليل، ذكر أنه يعني بها مختلف الشرائح الاجتماعية التي تعيش أساساً من الرواتب المكتسبة في الحكومة والقطاع العام وفي الخدمات والمهن الحرة، حتى وإن كان يمتلك بعضهم دخلاً إضافياً من عقار أو من عمل آخر لديه. وتتكون هذه الطبقة في نظره من شريحة عليا تضم علماء وباحثين وأساتذة جامعات وأصحاب مهن متميزة في الطب والهندسة والقانون والفن والجيش والشرطة، والشريحة الوسطى منها تتكون من أعداد أكبر من السابقين في الوظائف والأعمال الفنية والإدارية والإشرافية، مثل المدرسين وذوي الوظائف في المؤسسات المختلفة. والشريحة الدنيا تضم أعدادا كبيرة من صغار الموظفين وغيرهم ممن يعمل في الوظائف الكتابية والبيروقراطية.. هذه الشرائح متداخلة وليس بين بعضها البعض فواصل حادة واضحة.
هذه الشرائـح الاجتماعية من ذوي المهن المختلفة ومن ذوي الحرف كلها وما ينبثق منها جميعاً من ذوي الثقافة والفكر، ممن يعتمدون أساساً في حياتهم على ما يحصلون عليه من عرق عملهم المهني والحرفي، هم من ألقي على عاتقهم تغيير وجه مصر على مدى القرنين التاسع عشر والعشرين. وهم من قادت طلائعهم ثورات مصر وقادوا ما عرفت من حركات نهوض اقتصادي واجتماعي وعلمي وثقافي عبر هذه الأزمنة، ومنهم انبثقت الأبحاث والدراسات والمناهج والبرامج التي حددت تطور مصر في العصر الحديث. ومنهم ومن طلائعهم من قاد ثورات مصر منذ تكونت هذه الشرائح الاجتماعية الحديثة في عهد محمد علي منذ ثورة عرابي، مروراً بثورة 1919، ثم «ثورة 23 يوليو» 1952.
ولكي نعرف وضع مصر الآن بعد «ثورة 25 يناير» 2011، يتعين أن نعرف ماذا حدث لهذه الشرائح الاجتماعية، وعلى وجه الخصوص الشريحة العليا منها وما تتداخل معه من شريحة وسطى بالتقسيم والتعريف الذي ذكره الدكتور رمزي، وهو التعريف الذي يتعين أن يعتمد في هذا الحديث.
ولكي تتضح لنا الصورة، ويتضح لنا سبب ما أدى بنا إلى الوهن الحاضر، الذي كشفت عنه سلبيات المجتمع المصري بوضوح بعد «ثورة 25 يناير» 2011. يستحسن أن نسوق مثلاً من تاريخ مصر طالما ذكره المؤرخون ورتبوا عليه النتائج على نحو ما سنرى، وهو يتعلق بما فعله السلطان سليم الأول، سلطان الدولة العثمانية، عندما غزا مصر في سنة 1517.
(2)
خصّ إبن إياس الجزء الخامس من كتابه «بدائع الزهور في وقائع الدهور» لوصف دخول السلطان العثماني سليم الأول مصر، بعد هزيمة المماليك في موقعة مرج دابق بالشام ثم واقعة الريدانية. وكان ابن إياس يطلق على المماليك الذين جاؤوا أساساً من أواسط آسيا، اسم «الأتراك»، ويطلق على العثمانيين الذين جاؤوا مصر فاتحين من الأناضول والآستانة (القسطنطينية سابقاً) اسم «الروم»، بما يميز الأولين بكونهم من أصل الشرق والآخرين بكونهم من أصل الغرب، برغم وحدة أصلهم الجغرافي السابق، وقد دخل السلطان سليم القاهرة من باب النصر في 3 محرم سنة 923 هجرية (26 كانون الثاني سنة 1517)، ومكث فيها ثمانية أشهر كاملة، ألحق بها مصر بالدولة العثمانية بعدما كانت عاصمة لدولة تمتد من الشام شمالاً إلى حدود اليمن جنوباً.
وما يهمني في هذا الحديث هو ما ذكـره ابن اياس مـن أن السلطـان سليم لم يلحق مصر فقط بدولته ويقضي على دولتها، ولكنه قضى على التشكل الحضاري الذي كانت تمثله في العلوم والفنون والصنائع، حتى أن رجاله خلعوا الرخام من مباني قصور القلعة وعواميد الأواوين. حتى «خيمة المولد» التي كانت حديث الناس في فخامتها بقاعتها الكبرى وأواوينها الأربعة وقبتها الشامخة، «لم يعمل مثلها أبداً» كما يصفها ابن اياس. وكذلك جمع العملات ذات الوزن الكبير من الذهب والفضة، فاستبدل بها أوزاناً خفيفة بما يقصد به إضعاف الاقتصاد. وكل ذلك عاد به إلى الأستانة عاصمة ملكه.
الأهم من ذلك كله ما فعله في النخب الثقافية والفنية والمهنية والإدارية والحرفية، أي ما نسميه «الطبقة الوسطى»، وهي كانت ما أوصل مصر إلى مستواها الحضاري بحسبانها دولة كبرى بمعايير ذلك العصر. يقول ابن اياس أن العثمانيين «شرعوا يطلبون أعيان الناس من القضاة والشهود والمباشرين والتجار وأعيان تجار المغاربة وتجار الوراقين وتجار الشرب والباسطية وجماعة البردوارية والرسل وطائفة من السوقة في المصانع وطائفة من البنائين والنجارين والمرخمين والمبلطين والحدادين وغير ذلك من المعلمين، حتى طلبوا جماعة من اليهود، وعينوا منهم جماعة يسافرون إلى اسطنبول فكتبوا أسماءهم في قوائم وألزموا كل واحد منهم أن يحضر له بضامن يضمنه» (ص 178 – 179) «ثم استدرجوا لأخذ الكتب النفيسة التي في المدرسة المحمودية والمؤيدية… وغيرها» (ص 179).
وقد وصف رحيل هؤلاء يوماً بيوم، فيذكر ما كان من ترحيل لبنائين ومهندسين ونجارين وحجارين وحدادين ومدهنين ومبلطين، و «منهم مسلمون ونصارى وحتى طائفة من الفعلة»، ومنهم «قضاة على مذاهب الشافعية والمالكية والحنفية والحنابلة، وكذلك تجار الباسطة وخان الخليلي»، ويذكر، «وكانت هذه الواقعة من أبشع الوقائع المنكرة التي لم يقع لأهل مصر قط مثلها في ما تقدم من الزمان» (ص 152 – 183).
كما جرى ترحيل الخليفة أمير المؤمنين الذي كان مقيماً بمصر ويمنح ولاية السلطة شرعاً لسلاطين المماليك بحسبان مصر عاصمة لدولة الخلافة، وبهذا انقطعت الخلافة من مصر ونقلت إلى اسطنبول. «ومن حين فتح عمرو بن العاص مصر لم يقع لأهلها شدة أعظم من هذه الشدة» (ص 183).
وقد شمل الترحيل ناظر الجيش وموقع الدرج، أي قادة الجيش والشرطة، كما شمل قاضي القضاة ومستوفي ديوان الجيش وكاتب الخزانة وأمثالهم من كبار رجال الدولة (ص 187) وكذلك «بعض النصارى من كتاب الخزانة» (ص 188). ويذكر المؤرخ أن عدد من خرج من أهل مصر يبلغ ما يقرب من الف وثمانمئة، وأنه برحيل هؤلاء من القاهرة»، حصل لأهلها الضرر الشامل وبطل منها نحو خمسين صنعة تعطلت ولم تعمل.
كما أورد باباً خاصاً أشار فيه إلى ذكر من توجه إلى القسطنطينية من كبار من تولوا مناصب الدولة، ومنهم «أمير المؤمنين وامراء ومحتسبون وأولاد ناس ومعلمون ورجال فقه وقضاء على المذاهب الأربعة ورجال الخزانة وديوان الجيش ونظار للإدارات والمصالح والأوقاف وأعيان الناس والتجار والخدام والبنائين والنجارين والحدادين والمدهنين والمبلطين والمهندسين والحجارين والفعلة وهم آلاف «لم يقاسِ أهل مصر شدة من قديم الزمان أعظم من هذه الشدة ولا سمعت مثلها في التواريخ القديمة» (ص 229 – 232).
(3)
ولنا أن نتصـور ما حـدث لمصر وقتها وفي ما تلى ذلك من مراحل التاريخ، ما حدث من انهيار حضاري واقتصادي يشمل الانتاج والادارة والدولة والفنون والمهن والحرف. فهي لم تعد حاضرة دولة ذات مركز جاذب كما كانت في العهد الذي ولىّ. كما أنها بالاستيـلاء على مجمـل النخب المشار إليها، لم تعد مركز الاشعاع الثقافي والمهني والحرفي بما كان يجتمع لها من ذوي العلوم والفنون والمهارات.
ولنا أن نتصور كيف كانت ستكون مصر لو بقي فيها هؤلاء المشار إليهم آنفاً، بما يجعلها مركزاً حضارياً جاذباً ويعمل له كل الحساب، حتى أن فقدت مكانها كعاصمة للدولة، ومما يجعلها دائماً في مجال المنافسة للمركز الآخر المستجد. كما لنا أن نتصور ما كانت عليه اسطنبول قبل أن تفد إليها هذه النخب، برغم أنها كانت عاصمة عريقة في الحضارة الغربية منذ قيام الامبراطورية الرومانية الشرقية. ولكن ما استطاع أن يكسبها ما بلغها من طابع شرقي، هو هذا الوافد إليها من خبرات ومهن وحضارات، أتى بها السلطان سليم من فتحه مصر والشام أيضاً.
(4)
إذا كان مؤرخنا الكبير عبد العزيز محمد الشناوي في دفاعه النبيل عن الدولة العثمانية في كتابه المتعدد الأجزاء «الدولة العثمانية دولة إسلامية مفترى عليها»، إذا كان قد أورد فيه أن علماء مصر وفنانيها ومثقفيها الذين أجبروا على تركها إلى اسطنبول مع السلطان سليم قد بدأوا يعودون إلى مصر بعد تولي السلطان سليمان الحكم هناك في سنة 1520، وأن ابن اياس ذكر أخباراً عن عودة هؤلاء في الجزء الخامس من كتابه «بدائع الزهور في وقائع الدهور» لوصف دخول السلطان العثماني سليم الأول مصر، فإنه مع مراجعة هذا الأمر ومع صحة ما ذكره مؤرخنا، فإن أعداد العائدين لم تكن بالحجم الذي كان خرج منها (صفحات من 390 إلى 461)، وأن هؤلاء العائدين لم يعودوا إلى أعمالهم التي كانوا عليها بعدما ألغيت وظائفهم ودمرت صناعاتهم وتجاراتهم ومراكز نشاطهم المهنية، وأن العودة للبعض لم تُفض تلقائياً إلى وصل ما انقطع من سياق اقتصادي وثقافي وحضاري ومهني وحرفي سابق. وهي تكشف أن هؤلاء العائدين بعدما فقدتهم مصر كمستوى حضاري، لم تكسبها عودتهم استعادة ما سبق فقده. ونحن هنا لا نتكلم عن الذهاب الجبري لهم ولا عن البقاء الجبري أو الاختياري لهم بالخارج، بل نتكلم عن فقد الأداء الوظيفي ودلالته وأثره الحضاري بصرف النظر عن مدى الجبر والاختيار فيه. ونحن هنا لا نتكلم عن الدولة العثمانية ولا نزن محاسنها وسيئاتها، ولكننا نتكلم عن مصر وما ألمّ بها بسبب هذا العامل من التهجير والبقاء هناك، جبراً كان أو اختياراً.
والمهم في مطالعة سريعة الإلمام بالواقع التاريخي، فإن مصر لم تستطع أن تنشئ لها قوة نخبوية حضارية بديلة بما يجعلها صنواً لاسطنبول أو غيرها من العواصم المهمة، لم تستطع ذلك بعد هذا التاريخ السحيق إلا في بدايات القرن التاسع عشر مع حكومة محمد علي لمصر التي تولاها وبدأ يشكل فيها هذه الاستقلالية النخبوية الحضارية، والتي كان لها من بعد فضل النهضة بمصر على مدى القرنين التاسع عشر والعشرين، برغم الصعوبات الهائلة التي مرت بها، وخصوصاً بالاستعمار البريطاني لها سنة 1882، والأطماع التي عانت منها قبل ذلك أيضاً منذ 1840 وحتى الآن. بمعنى أن مصر انتظرت نحو ثلاثمئة سنة حتى واتتها فرصة النهوض الحضاري بعد تلك النكبة القديمة.
(5)
على أي حال، فأنا لا أذكر هذا التاريخ البعيد لمجرد التذكير بواقعة تاريخية سابقة. ولكني أقصد بها أن أضرب المثل على الأثر الحضاري الذي تمثله هذه الفئات إيجاباً بتوافرها وسلباً بفقدانها، وأسوق هذا المثل مدخلاً للحديث عن مثيل جرى بمصر ويجري بمثيل له منذ منتصف السبعينيات من القرن العشرين، وهو أمر ملاحظ في وقائعه وكان متوقعاً في آثاره منذ هذا التاريخ من أربعين سنة مضت. وما يثير إعادة الحديث عنه وتجديد هذا الحديث هو ما شعرنا به ونشعر، من ضياع جرى بعد «ثورة 25 يناير» 2011 وحتى الآن، حتى أننا بعد ثورة حقيقية اضطرب بنا الأمر، ولم ندر ماذا نصنع ولم يتقدم أحد بمشروع حضاري متكامل الأركان وطنياً واجتماعياً واقتصادياً، ووقعنا في دوامة صراع مصطنع عجيب عن «دينية الدولة أو مدنيتها»، ولم نجد سياسات نملأ بها طموحنا الوطني الديموقراطي، فغرقنا في الصراع المصطنع.
والحاصل أنه مع انتهاء حرب 1973 بنحو عامين، بدأ الاستعداد لعملية الصلح بين مصر وإسرائيل بقيادة الرئيس الأسبق أنور السادات، وكان ذلك مصحوباً بسياسات خارجية تخرج مصر من عداد دول عدم الانحياز المستقلة وتلقي بها في إطار الهيمنة الأميركية، وكذلك بسياسة تصفية البرامج الاقتصادية والاجتماعية لبناء مصر بناءً مستقلاً غير تابع للهيمنة العالمية، وإعادة التشكل الطبقي القديم لمصر بإعادتها لسيطـرة طبقة جديدة من الأغنياء الطفيليين الذين لا يكوّنون ثرواتهم من الإنتاج، بل من التجارة الخاصة ومناصب الدولة، وتتاح لها فرص السيطرة الاقتصادية على البلاد من خلال المشاريع الخاصة المرتبطة بالخارج.
(6)
ظهرت فكرة هجرة النخب من العاملين في هذا الإطار. ونحن نعتمد في ذكر ما سنذكره على كتابات ظهرت في هذه الحقبة، من عادل حسين رحمه الله ونادر فرجاني وسعد الدين ابراهيم وعبد الباسط عبد المعطي وماهر سليمان النجار، وهي كتابات ظهرت في السبعينيات وأوائل الثمانينيات، وذلك عن سياسة قامت الدولة المصرية بنفسها بتنفيذها وتشجيعها.
وأول ما تظهر به سياسة تهجير النخب كسياسة ترسمها الدولة وتعمل على تنفيذها، هو تصريحات لعبد العزيز حجازي، الذي كان نائباً لرئيس الوزراء ثم رئيساً للوزراء في هذه الفترة، يقول «فالعمالة المصرية قوة تصديرية ضخمة بدأنا نصدرها فعلاً إلى بعض دول أوروبا، ولكن لكي أوجهها كقوة تصدير، لا بد من توسيع قاعدة التعليم والتدريب…» وقال كذلك «لا بد أن يكون هدفنا بالنسبة لتصدير العمالة واضحاً كهدفنا بالنسبة لتصدير القطن والأرز، وأن نكسر الكلام الخاص بقيد الهجرة وعـدم تصدير البشر، لأننا محتاجون لهذه الخبرات. بالعكس، فإن العمالة المصرية ضرورة لشعب ينمو ولا تتوازن إمكانياته مع النمو البشري المرجو (المرجع / عادل حسين: الاقتصاد المصري من الاستقلال إلى التبعية. الجزء الثاني. ص 99 – 100). وقد تضمن دستور 1971 نصاً جعل الهجرة حقاً لكل مواطن هو نص المادة 52 منه، وبدأت المصالح الحكومية تشجع الهجرة بالإعارات والإجازات. وصدرت قرارات جمهورية وقرارات وزارية تنظم هذا «الحق الدستوري»، مع جعل الحق للمهاجر في أن يعود إلى عمله الحكومي السابق خلال سنة من استقالته، وذلك تشجيعاً لهم على الهجرة بضمان إمكان العودة بعد التجريب.
أما عن حجم العمالة المصرية في الخارج، فقد ورد في التعداد الرسمي لمصر لسنة 1976 أنها بلغت 1,425 مليون نسمة، ويذكر عادل حسين أن الرقم ارتفع في سنة 1979 إلى 1,89 مليون نسمة (المرجع السابق ص561) بتشجيع الحكومة للهجرة من القطاع العام بطريق الإعارة، وأن الهجرة ذات طبيعة انتقائية، لأن أصحاب المهارات هم المطلوبون، وأن 90 في المئة كانوا من ذوي الشهادات من الإعدادية إلى الدكتوراه، وأنه في الكويت كانت نسبة ذوي المهن العلمية والفنية سنة 1965 هي 52 في المئة زادت سنة 1975 إلى 60,5 في المئة (ص562، 563).
ويستخدم نادر فرجاني رقم مليوني نسمة للعمالة المصرية في البلاد العربية، وأنها يمكن أن تصل إلى 3 ملايين نسمة، وأنه إذا كان تعداد مصر في سنة 1980 هو 42 مليون نسمة، فإن نسبة هذه العمالة تصل إلى 5 في المئة من السكان أي 10 في المئة من جملة الذكور و15 في المئة من ذكور في سن العمل، وأن الكثيرين منهم ينتمي إلى قمة السلم المهني فضلاً عن سُدسي الأعمال الكتابية (الهجرة إلى النفط، أبعاد الهجرة في البلاد النفطية وأثرها على التنمية في الوطن العربي – د. نادر فرجاني، «مركز دراسات الوحدة العربية» ص 56 – 58). كما يذكر فرجاني أن عدد العمالة في الخارج يؤثر في حالة 15 مليون مصري خلال الفترة من 1974 إلى 1984، أي يؤثر في ثلث عدد سكان مصر في بداية سنة 1985 (تقرير أول عن مسح الهجرة من مصر سنة 1985 د. نارد فرجاني. «المجلس القومي للسكان»).
كان عادل حسين، في ما يبدو لي، أول من لفت النظر إلى هذه الظاهرة في كتابه المهم السابق الاشارة إليه والصادر في أوائل الثمانينيات. وهو يعلق على فتح باب هجرة العمالة المصرية من بلدها فيقول «إن المهارات البشرية هي المحرك الأساسي لتسارع التنمية»، وإن عدد المؤهلين لذلك في بلادنا لا يزيد عن احتياجتنا، وإن ما بدأ «منذ سنة 1974 كان أخطر في آثاره من فتح الباب بلا ضوابط أمام استيراد الاستثمار الاجنبي»، و «إن أخطر من كل ما ذكرنا على المجتمع ككل فتح الباب بلا ضوابط أو ترتيبات لتصدير قوة العمل المصرية للخارج». وهو يعتقد أن ذلك كان مخططاً لوأد التنمية المستقلة في مصر (المرجع السابق ص 99 – 100). ثم يذكر أنه حتى زيادة الأجر للعامل بغير زيادة الإنتاج القومي يعود على سلع ترفيه لا يجدها في بلده، ما يفتك بالنسيج المجتمعي، وأن الهجرة قد أدت إلى أن دخل الفرد لم يعد مربوطاً بزيادة الإنتاج ولا بالتنمية الشاملة لمجتمعه، إنما صار ممكناً بمجرد الحصول على تذكرة سفر وتأشيرة سفر لقطر مجاور (ص566).
نقلا عن جريدة “السفير” اللبنانية
إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟
ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …