‫الرئيسية‬ مقالات الخلاف المغربى المصرى.. رؤية سياسية
مقالات - يناير 4, 2015

الخلاف المغربى المصرى.. رؤية سياسية

ما بين عشية وضحاها تغيرت العلاقة بين المغرب وبين قادة الانقلاب فى مصر، فالخلاف ليس بين دولتين “مصر والمملكة المغربية”، لكنه بين الأخيرة وقادة الانقلاب فى مصر؛ لأن قادة الانقلاب العسكرى لا يمثلون الشعب المصرى، فالنظام الحالى الموجود فى مصر هو نظام غريب عن الشعب المصرى، لذلك فالحكومة الموجودة الآن هى حكومة احتلال بكل ما تحمله هذه الكلمات من معانٍ قانونية وسياسية، فقد جاء النظام والحكومة من قبل ألد أعداء الشعب المصرى، فقد دبرت الولايات المجرمة الأمريكية والكيان الصهيونى بفلسطين المحتلة هذا الانقلاب على إرادة الشعب المصرى.

رغم أن ملك المغرب أرسل وفدا لتهنئة قائد الانقلاب يوم الزينة، حاملا معه رسالة، ما يعنى اعترافا رسميا من المغرب بالانقلاب، علما بأن هذا الانقلاب لا يوجد أى أساس له، لا فى القانون الدولى ولا فى القانون الدستورى، ولكنها إملاءات أمريكية وضغوط صهيونية على المغرب التى كانت همزة الوصل بين الكيان الصهيونى وبين مصر فى عهدى المهزوم دائما عبد الناصر، والتى كانت من نتيجتها قبول المهزوم دائما مبادرة روجز، وفى عهد السادات والتى أدت لإبرام اتفاقية كامب ديفيد.

وترتب على ذلك عظم المفاجأة لدى الكثيرين ممن يتبابعون الشأن العام، وأيضا الكثير من المحللين السياسيين، وقد قيلت فى عدة أسباب أدت إلى توتر العلاقة بين دولة المغرب وقادة الانقلاب فى مصر نجملها فى الآتى:

1- أرجع البعض توتر العلاقات بين المغرب وقادة الانقلاب إلى الهجوم الإعلامى الذى شنته بعض الفضائيات المصرية على المغرب، ملكا وحكومة وشعبا، ومنه ما صرحت به المذيعة أمانى الخياط من أن “المغرب” تعتمد أساسا فى اقتصادها على الدعارة، ولكن هذا الأمر حسم بالاعتذار عن ذلك وانتهى الأمر، بدليل أن الفضائيات المصرية الأخرى لم تهتم به.

2- يرجع البعض أسباب هذا التوتر الذى جعل دولة المغرب تعترف بالحقيقة وتعود للحق بوصف ما حدث فى مصر بالانقلاب العسكرى، إلى زيارة ملك المغرب إلى تركيا ومقابلته الرئيس التركى رجب طيب أوردغان، ولكن ذلك غير صحيح، حيث كانت الزيارة فى مناسبة عائلية، ولم تستغرق وقتا يمكن من خلاله مناقشة أمور سياسية هامة كتلك.

3- وقال البعض، إن سبب ذلك يكمن فى انخفاض الدعم الخليجى للمغرب بسبب انخفاض أسعار البترول، وبرروا ذلك بزيارة ملك المغرب للإمارات، ولكن هذا الأمر مردود؛ لأن المغرب لا يعتمد على المعونات الخليجية، فهو على الأقل لا يحتاج لمثل هذا الدعم المالى.

4- وصرح البعض بأن هذا الخلاف جاء نتيجة التقارب الجزائرى مع قائد الانقلاب بعد زيارة الأخير للجزائر، وربط البعض الخلاف بالتقارب بين قادة الانقلاب فى مصر وجبهة البوليساريو التى تريد الانفصال عن المغرب، ودعم مصر السياسى والإعلامى لهذه الجبهة خاصة، بعد دعوة المدعو محمد سالم السالك الذى يلقب نفسه بوزير خارجية، بينما قال البعض إن سبب ذلك الخلاف قبض القوات المسلحة المغربية على بعض أفراد من الجيش المصرى يقاتل ضمن قوات جبهة البوليساريو، حيث تم التحقيق معهم وتبين أنهم وصلوا للمغرب للقتال مع قوات الجبهة بناء على أوامر صدرت إليهم من قادة الانقلاب فى مصر.

أعتقد أن سبب توتر العلاقات بين المغرب وقادة الانقلاب وعودة المغرب إلى جادة الصواب- حيث وصف الإعلام المغربى بأن ما حدث فى مصر هو انقلاب عسكرى، ونادى بعدم الاعتراف بما تم بعد 30/6/ و 3/7/ عام 2013م- جاء نتيجة اتفاق بين بوتفليقه وقائد الانقلاب فى مصر، حيث طلبت الجزائر من مصر الاعتراف والوقوف إلى جانب جبهة البوليساريو التى تطالب بانفصال الصحراء المغربية عن دولة المغرب وتكوين دولة مستقلة، وتحظى هذه الجبهة بدعم قوى مالى وعسكرى وسياسي واقتصادى من الجزائر، فى مقابل حصول قادة الانقلاب على الغاز الجزائرى الذى يحتاجونه لتدعيم مكانتهم فى مصر، وخاصة غاز البوتاجاز، فقد قبلت الجزائر بمنح مصر الغاز الجزائرى بنصف الثمن.

ولكن هناك ملف شائك مشترك بين كل من بوتفيلقة وقادة الانقلاب فى مصر، حيث يدعم قادة الانقلاب فى مصر المنشق خليفة خفتر عسكريا لضرب الثورة الليبية وسرقتها من الشعب الليبي وحكومة الثورة الليبية الموجودة الآن فى ليبيا، فقد صرحت الجزائر أكثر من مرة أنها لن تترك الملف الليبى لمصر منفردة؛ لأن هذا الملف متصل بالأمن القومى الجزائرى، فقد تم الاتفاق على ترتيب المساعدات وإدارة الملف الليبي مشاركة بين مصر الجزائر، مقابل الغاز الجزائرى والاعتراف ودعم جبهة البوليساريو عسكريا وسياسيا وإعلاميا، وهذا ما حدث فعلا، حيث اهتم الإعلام المصرى بهذه الجبهة وبقضية الصحراء المغربية، وأيدت انفصالها عن المغرب، فضلا عن المساعدات العسكرية للجبهة التى وصلت إلى حد إرسال ضباط وجنود من الجيش فى مصر للقتال مع جنود الانفصال للجبهة.

ما يحدث الآن بين المغرب وقادة الانقلاب العسكري فى مصر ليس رجوعا من المغرب إلى الحق والاعتراف بالحقيقة بعد أن أدركها، ولكن لمصالح سياسية خاصة بالمغرب وهى الدفاع عن أرضه وحقه فى السيطرة والهيمنة عليها، وعدم اقتطاع جزء منه فى مؤامرة أمريكية صهيونية بدعم قوى من الجزائر ودول إقليمية أخرى، ولا نلوم المغرب فى ذلك فهذا حقه طبقا للقانون الدولى، ولكن كنا نتمنى أن تكون هذه العودة للحق وليس لمصلحة سياسية مشروعة؛ لأن الحقوق ثابتة والمصالح متغيرة، والعودة للحق أفضل من التمادى فى الباطل، لكن إذا كانت العودة للحق فعلا وليس لحاجة فى النفس.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟

ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …