صمت مصري مطبق على إعلان إسرائيل تصدير الغاز للقاهرة
اتسم رد الجهات الرسمية في مصر، سواء في وزارتي البترول أو الاستثمار، بالصمت المريب تجاه ما نشرته الصحافة العبرية والعالمية عبر مواقع إلكترونية وغيرها، الأحد 19 أكتوبر الجاري، من أخبار تتعلق بتأكيد استيراد مصر الغاز من “إسرائيل”، فمنها ما تحدث عن تفاوض لذات الهدف، وتحدث موقع آخر عن خطاب نوايا، وثالث تحدث عن مذكرة تفاهم، وسجل المراقبون عدم رد الجهات المصرية الحكومية والخاصة بشأن ما نشر.
وربما يفسر البعض أن توصيف نوعية الاتفاق يمكن أن يكون خطأ في الترجمة بين مترجم لآخر، إلا أن الاختلاف في الأرقام من حيث كمية الغاز المباع ومدة العقد اختلف من المواقع الإلكترونية العبرية وموقع “رويترز”– مما أعطى مزيدا من الريبة- الذي ذكر أن “إسرائيل ستبيع ما لا يقل عن 5 مليارات متر مكعب من الغاز على مدى 3 أعوام إلى عملاء من القطاع الخاص في مصر، عبر خط أنابيب أُنشئ في الأصل لنقل الغاز إلى إسرائيل“.
فيما ذكر موقع “جيوش برس” الإخباري الإسرائيلي أنه “وُقِّع عقد لمدة 7 سنوات مع الشركة القابضة المصرية “دولفين” لتصدير ما يصل إلى 2.5 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي للقاهرة”.
إلا أن الإشارة المهمة في ذلك ذكرتها وكالة رويترز للأنباء، التي قالت “إن الإمدادات ستنقل عبر خط أنابيب أنشأته قبل نحو 10 سنوات شركة غاز شرق المتوسط– لصاحبها حسين سالم- التي كانت قائمة على تنفيذ عقد الغاز الطبيعي بين مصر وإسرائيل.
وبحسب رويترز فإن مجموعة الشركات الإسرائيلية والأمريكية للطاقة المشاركة في حقل “تمار” أو “تمارا”، وقعت خطاب نوايا مع شركة “دولفين” القابضة التي تمثل عملاء غير حكوميين من القطاعين الصناعي والتجاري في مصر، وأنه ستقتصر صادرات الغاز على الاحتياطيات الفائضة، وسيكون سعر البيع مماثلا لاتفاقيات تصدير أخرى من إسرائيل، ترتبط بصفة أساسية بسعر خام برنت.
وتعقيبا منه على تورط الجانب الرسمية وأهمية الموافقة الرسمية لشركته، قال جدعون تادمور- الرئيس التنفيذي “لأفنر للتنقيب عن النفط التابعة لديليك” وهو أحد الشركاء- “ليس لدي أدنى شك في أن هذه الاتفاقات ستعزز العلاقات بين إسرائيل وجيرانها، وينبغي أن يحصل أي اتفاق على موافقات من مصر وإسرائيل وشركة غاز شرق المتوسط“.
سخرية “إسرائيلية“
وسخر موقع “جيوش برس” الإسرائيلي الإخباري من أن “إسرائيل كانت هي من تستورد الغاز من مصر خلال عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، حيث وقعت اتفاقية طويلة الأمد مع نظام مبارك لاستيراد الغاز منها، لكنها اليوم أصبحت دولة مصدرة للطاقة”.
ونقل عن “أفنير جدعون”، رئيس شركة ديليك للحفر، قوله: “سعر بيع الغاز سيعتمد على سعر النفط الخام في الأسواق العالمية”، لافتا إلى أن الأردن تحولت إلى استيراد الغاز من إسرائيل بسبب انقطاع تدفقه من مصر، خاصة بعد الهجمات الإرهابية التي تستهدف خطوط أنابيب الغاز من حين إلى آخر“.
وأكد الموقع أن صادرات الغاز الطبيعي لعبت دورا أساسيا وهاما في زيادة قيمة الشيكل الإسرائيلي.
لا مواربة
من جانبها كشفت صحيفة “أروتس شبعا” الإسرائيلية أن مسئولين في مجموعة تمار الإسرائيلية للغاز الطبيعي أكدوا توقيع مذكرة تفاهم يتم بموجبها توريد الغاز الطبيعي إلى مصر خلال الفترة القادمة، على أن يتم الاستفادة من الغاز المنتج من حقل “لويثان” البحري في البحر المتوسط في تزويد مصر باحتياجاتها من الغاز الطبيعي.
وأضافت الصحيفة أنه سيتم بيع 2.5 مليار قدم مكعب من الغاز الطبيعي لشركات القطاع الخاص في مصر، وذلك لاستخدامها في الأغراض الصناعية، وسيتم نقل الغاز إلى مصر من خلال خطوط أنابيب تملكها مؤسسة “إي ام جي”، وهو نفس الخط الذي كان ينقل الغاز المصري لإسرائيل خلال السنوات السابقة على اندلاع ثورة الخامس والعشرين من يناير، في حين أن الصفقة النهائية تتطلب موافقة الحكومتين في كل من مصر وإسرائيل وشركة إي ام جي، بينما تتفاوض شركة “دولفينوس” باسم مصر.
وكشفت تقارير إسرائيلية عن توقيع خطاب نوايا غير ملزم لتصدير الغاز من إسرائيل إلى مصر، لحساب تحالف غير حكومي– شركة دولفين- يقوده رجل الأعمال المصري الدكتور علاء عرفة.
وذكر موقع “ذا ماركر” الاقتصادي الإسرائيلي، الأحد، أن تحالف الشركات المسئول عن حقل “تامار” الإسرائيلي وقع خطاب نوايا مع شركة “دولفينوس هولدينجز ليميتد”، الجمعة 17 أكتوبر، من أجل بدء التفاوض على اتفاق لتوريد الغاز الطبيعي من مشروع تامار للمشتري، عن طريق أنبوب الغاز الموجود، وتتولى تشغيله شركة «إيست ميديترينيان جاز ليميتد» من أجل تسويقه في مصر.
وحسب التقرير، يتضمن الخطاب الموقع عدة شروط تجارية للصفقة المقترحة، ستمثل أساسا للتفاوض بين الطرفين للتوصل إلى بنود العقد الملزم، ومن ذلك أن يتم التوريد بكميات تصل إلى 250 ألف مليون وحدة يوميا لمدة عامين، وسيكون التوريد على أساس التوريد غير المنقطع لكميات الغاز الزائدة لدى شبكة شركاء تامار من مشروع تامار، والذين سيتعهدون بتوريد كميات إجمالية لا تقل عن 5 ملايين متر مكعب خلال 3 سنوات.
وورد في التقرير أن الشركة التي ستستورد الغاز من إسرائيل ستبيعه للمشروعات الصناعية في مصر، وبموجب البنود الواردة في العقد لن يكون المشتري ملزما بشراء حد أدنى من كميات الغاز، التي سيتم نقلها إلى عسقلان، ومن هناك إلى مصر عبر أنابيب الغاز القائمة بالفعل.
ويسعى أطراف الصفقة في الوقت الحالي إلى الحصول على كافة الموافقات المطلوبة في كل من مصر وإسرائيل، والتوصل إلى تسوية مع شركة «إي إم جي» تسمح بنقل الغاز عبر أنابيبها من إسرائيل إلى مصر.
نستورد من حقولنا!
فجر الدكتور رمضان أبو العلا، أستاذ هندسة البترول بجامعة فاروس بالإسكندرية والخبير البترولي، مفاجأة من العيار الثقيل، حيث كشف أنه عرض بالأدلة والإثباتات العلمية على المهندس إبراهيم محلب، رئيس الوزراء المصري، ما يثبت أن حقول الغاز التي تعمل بها إسرائيل في البحر المتوسط مصرية، مع ضرورة الحصول على حق مصر من الغاز بها، إلا أن الحكومة تخشى اتخاذ قرار بشأنها.
وقال: إن أصل الأزمة يرجع إلى توقيع مصر اتفاقية مع قبرص عام 2003 لاستغلال الاكتشافات البترولية في البحر المتوسط، وبعد الإعلان عن الاكتشافات الكبيرة التي تمت في المنطقة، قامت إسرائيل بتوقيع اتفاقية مع قبرص، رغم أنه ليس من حق قبرص توقيع أي اتفاقيات بشأن الغاز في البحر المتوسط إلا بعد الرجوع لمصر، ورغم ذلك وقعت مع إسرائيل بحسب تصريحه لموقع مصر العربية.
وأضاف “لجأت إسرائيل بعد هذه الاتفاقيات إلى استغلال علاقاتها بقبرص للسيطرة على المنطقة من خلال اكتشافات الغاز، الأمر الذي يؤدى إلى ضياع ما قيمته 700 مليار دولار غاز من البحر المتوسط من مصر.
اتفاقيات سابقة
ووقعت مصر، فى يونيو2005، مذكرة تفاهم بين وزير البترول المصرى سامح فهمى، ووزير البنية التحتية بنيامين بن إليعازر، فى حضور رئيس الوزراء أحمد نظيف، تتعهد فيها مصر بتوريد الغاز الطبيعى لإسرائيل بسعر مخفض للغاية لا يتجاوز 1.25 دولار لمدة 15 سنة، وفق أسعار تفضيلية ثابتة لا تخضع لآليات السوق وتحركات الأسعار، فى حين أن قيمته السوقية حالياً تزيد على 12 دولارا.
وقال السفير إبراهيم يسري، مدير إدارة القانون الدولي والمعاهدات الدولية الأسبق ومنسق حملة “لا لبيع الغاز للكيان الصهيوني”: إن هذه المذكرة لا ترقى إلى المعاهدة الدولية، ويلحقها البطلان المطلق وفقا لأحكام المادة 151 فقرة 2 من الدستور، فالشعب المصرى له الحق فى التعرف على ثروات بلده الطبيعية.
وأضاف- في تصريحات صحفية- أنه “لا يمكن قبول ادعاءات الحكومة بأن الاتفاقية سرية، لكن ما يمكن قبوله بأن السرية كانت واجبة لإتمام الصفقات لرجال الأعمال، وإعطاء العمولات والتربح من وراء إهدار الثروة المصرية، وواجب سريتها أيضا لإصدار القرار رقم 100 لسنة 2004 الذى يحتوى على بنود الاتفاقية ولم ينشر بالجريدة الرسمية، وقد طلب أعضاء مجلس الشعب الاطلاع عليها ورفضت الحكومة.
واتهم يسري- في حوار مع الصحفي محمود سعد الدين لصحيفة اليوم السابع- الحكومة حينها بالمساهمة في أكبر فضيحة فى إهدار ثروات البلاد من أجل مصلحة رجال الأعمال، فصفقة البيع التى استفادوا منها، تمت طبقا للقرار رقم 100 لسنة 2004، فى تفويض المهندس محمد إبراهيم الطويلة رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية للغاز الطبيعى، والمهندس إبراهيم صالح محمود رئيس الهيئة العامة للبترول، كبائعين للغاز الطبيعى المصرى للتعاقد مع شركة شرق المتوسط، وصاحبها حسين سالم رجل الأعمال الشهير والقريب من السلطة، فى أن يقوم هو ببيع 7 مليارات متر مكعب لإسرائيل، وهذه الصفقة يربح من ورائها سالم يوميا 2.5 مليون دولار، فى حين تخسر الدولة 9.5 ملايين دولار يوميا.
إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟
ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …