حرب النفط تهدد روسيا وإيران وتحذير من هجمة ارتدادية على السعودية
واصلت أسعار النفط تراجعها في الأسواق؛ حيث تراجعت أسعار العقود الآجلة لخام برنت، اليوم الأربعاء، إلى 61 دولارًا للبرميل في الأسواق الآسيوية؛ حيث اضطرت أسعار النفط إلى التخلي عن جزء من مكاسبها خلال تعاملات أمس؛ بسبب صمود الدولار في أعلى مستوى له خلال نحو 9 سنوات.
وتضررت أسعار النفط أيضًا من بيانات صدرت عن معهد البترول الأمريكي، أول أمس أظهرت زيادة قدرها 5.4 ملايين برميل في مخزونات الخام التجارية في الولايات المتحدة خلال الأسبوع الماضي.
وهبطت عقود برنت، تسليم فبراير، 58 سنتًا إلى 61.11 دولارًا للبرميل، بعد أن أنهت الجلسة السابقة على مكاسب بقيمة 1.58 دولار، وانخفضت عقود الخام الأمريكي الخفيف 49 سنتًا إلى 56.63 دولارًا للبرميل.
يأتي ذلك في الوقت الذي شدد فيه وزير النفط السعودي علي النعيمي على أن السعودية لن تعمل على تخفيض إنتاج النفط، حتى وإن بلغ سعر البرميل الواحد عشرين دولارًا.
وقال النعيمي في مقابلة مع نشرة “ميس” الاقتصادية إن منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) لن تخفض إنتاجها حتى ولو بلغ سعر البرميل عشرين دولارًا، وذكر النعيمي الذي طالما اعتبر الرجل الأكثر تأثيرًا في سوق الطاقة أنه ليس من العدل أن تقوم أوبك بخفض إنتاجها لوحدها من دون الدول المنتجة من خارج المجموعة، وقال: “لو نزلت الأسعار إلى 20 دولارًا أو أربعين أو خمسين أو ستين، فهذا ليس مهمًّا”.
ضرب الاقتصاد الروسي والإيراني
وترى أوساط سياسية أن ما يحدث في سوق النفط هو لعوامل سياسية وليست اقتصادية وأنه جاء بترتيبات خليجية أمريكية لضرب الاقتصاد الروسي وإضعاف الإيراني؛ بسبب قضايا المنطقة سوء الملف السوري أو مخاوف الخليج من إيران النووية وكذلك موقف أمريكا الرافض للتدخل الروسي في أوكرانيا، خاصة بعد تصريحات السيناتور الأمريكي جون ماكين؛ الذي طالب الجميع بشكر السعودية لأنها ساعدت في تدمير الاقتصاد الروسي.
الترتيبات الأمريكية السعودية لأسعار النفط كان لها بالفعل تداعيات خطيرة خاصة على الاقتصاد الروسي والإيراني، وهو ما يضع المستقبل السياسي للرئيس الروسي فلاديمير بوتين والإيراني حسن روحاني في مهب الريح.
فأكبر المتضررين من تهاوي أسعار النفط هي روسيا، بعد انهيار الروبل والتوقعات بأن الاقتصاد الروسي غير قادر على استيعاب الصدمة الخاصة بالنسبة لشركاتها الكبرى، شركات النفط والغاز التي تتساقط أسهمها، فضلاً عن المتضرر الثاني إيران التي تعودت على العقوبات وعلى لغة العقوبات، لكن مع الضغط على الأسعار، فإن إيران المتورطة في أكثر من منطقة في الشرق الأوسط، ستعاني ميزانيتها أكثر، أما على مستوى دول الخليج فالسعودية والخليج وقطر والإمارات والكويت لديها إمكانية للصمود لمدة سنتين على الأقل مع هذا المستوى للأسعار.
وبحسب تقرير لصحيفة “فورين بوليسي” قبل يومين حول أسعار النفط قالت إن السعوديين كرروا ما فعلوه عام 1977، حين أغرقوا السوق لأسباب سياسية، وسواء اقتنع المحللون الغربيون بذلك أم لا، تظل أسواق النفط ساحة مهمة للصراع السعودي الإيراني لتحقيق السيادة علي الخليج العربي.
وقال التقرير: “السعوديون يفهمون أن أوقات انخفاض الأسعار وانخفاض الطلب هي أفضل أوقات تحطيم الأسواق، وأن قرار خفض أسعار البترول سيكون له أثر ضخم على الوضع السياسي في الشرق الأوسط”؛ حيث ستتعرض إيران لضغط اقتصادي ومالي غير مسبوق، بينما تحاول أن تحافظ على اقتصاد منهك بالفعل بسبب العقوبات الدولية، مستشهدة بتصريح وزير النفط السعودي في 10 ديسمبر أن بلاده سوف تستمر في إنتاج 9.7 ملايين برميل يوميًّا، بغض النظر عن حالة الطلب في السوق.
أمّا بالنسبة للإيرانيين، فقد دقوا ناقوس الخطر، إن لم يكن ناقوس الذعر؛ حيث شجب الرئيس الإيراني حسن روحاني التحركات الغادرة التي يأتي بها أحد أكبر منتجي النفط “لدوافع سياسية”، واصفًا تلك الأفعال بأنها دليل على وجود “مؤامرة ضد مصالح المنطقة”، ولن تنسى إيران ولا شعبها تلك المؤامرات”.
كما وصف إسحاق جهانجيري، نائب الرئيس الإيراني، الهبوط السريع في أسعار النفط بأنه “مؤامرة سياسية، وليس نتيجة العرض والطلب”، بحسب وصفهم
وأضافت: “يتمثل تطلع الرياض الحقيقي في إجبار الإنتاج المرتفع لحكومة روحاني على تطبيق ميزانية تقشف ستؤدي لإشعال اضطراب اجتماعي كامن وتدفع الشعب الإيراني للنزول إلى الشوارع مرة أخري، وإن حدث هذا، فمن غير المرجح أن ينتهي بحدث ضخم مثل خسارة الشاه لحكمه”.
حرب شاملة ومخاطر على المملكة
وبحسب العديد من المراقبين والتقارير الدولية فإن ما يحدث في أسعار النفط هو جزء من الصراع والحرب الشاملة التي تقوم بالوكالة عن دوائر غربية بين إيران والسعودية، حيث قالت وكالة روتيرز في تحليل تحت عنوان “هل تلعب السعودية بنفطها لعبة خطرة؟” أن كلاًّ من البلدين يرى خصومته كصراع يأخد فيه المنتصر كل الغنائم: إذا اكتسب حزب الله اليد العليا في لبنان، فإن السنة في لبنان وبالامتداد رعاتهم السعوديين سيخسرون جولة لصالح إيران، وإذا أحكمت الحكومة التي يقودها الشيعة سيطرتها على العراق، ستكون إيران قد فازت بجولة أخرى.
وقالت: “اليوم يندفع آل سعود لدعم حلفائهم في البحرين واليمن وسوريا وأي مكان آخر يخشون فيه من نفوذ إيران الشائن، وتضرب المملكة بقوة في اتجاه إيران وروسيا بسلاحها الأكثر فعالية”.
وبحسب تقارير دولية فإن روسيا وإيران تعتمدان بشكل كبير على استقرار أسعار النفط. وحسب العديد من التقديرات، فإن روسيا تريد السعر حول 100 دولار للبرميل للوفاء بالتزامات موازنتها.
أما إيران التي تواجه العقوبات الغربية والعزلة الاقتصادية فتحتاج حتى لرفع سعر البرميل أكثر من ذلك، وبالفعل فقد تلقت إيران ضربة من الإجراءات السعودية، ففي 30 نوفمبر، ونتيجة لقرارات “أوبك” بعدم زيادة الإنتاج، انخفض الريال الإيراني نحو ستة في المائة مقابل الدولار الأمريكي.
وأوضحت التقارير أن المملكة تعتقد أنه يمكنها حماية نفسها من تأثير انخفاض السعر، ويمكنها دائمًا زيادة إنتاج النفط لتعويض هبوط الأسعار، أو تخفف من وطأة انخفاض الأرباح من خلال بعض من احتياطيها من النقد الأجنبي المدخر البالغ 750 بليون دولار، إلا أن اللعبة تظل خطرة، فلا يوجد دليل أن الأنظمة مثل روسيا وإيران ستغير من سلوكها تحت الضغط الاقتصادي.
الأسوأ من ذلك أنه من الممكن أن تأتي السياسة السعودية بنتائج عكسية، وتجعل روسيا وبشكل خاص إيران أكثر تصلبًا في مواجهة النفوذ السعودي في الشرق الأوسط.
وقالت: “في ظل حروب الوكالة الدائرة في سوريا والعراق، فإن المملكة العربية السعودية تخاطر بإشعال شرارة حرب النفط ضد روسيا وإيران، وهي الحرب التي يمكن أن تنتصر فيها المملكة على المدى القصير، لكن مثل هذا الصراع الطائفي يهدد بحريق قد يخرج عن سيطرة الجميع”.
إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟
ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …