أشعلت أمريكا النار.. ولن تستطيع إطفاءها !
أشعلت الولايات المتحدة النيران في كل مكان بالمنطقة، لكنها لن تستطيع إطفاءها، بل هي لن تستطيع تحقيق السيطرة التي استهدفتها من إشعال النيران، إذ كل الأمور تجري باتجاه توسيع جبهة العداء معها وإنهاكها – وهي ومن بقى متحالفا معها-حتى يمكن القول بأنها تخوض معركتها الأخيرة ما قبل الانزواء والانعزال الذي ستضطر له اضطرارا، هذا إن لم تكن تفكر في الذهاب بعيدا في محاولة استمرار سطوتها وسيطرتها على العالم، بإعلان الدخول في حرب شاملة حتى لو اشتعلت حرب عالمية ثالثة مدمرة، دون مواربة. ولاشك أن إستراتيجييها يعلمون الآن أن تصورهم السابق بأن تفكيك وتقطيع وتقاتل المجتمعات والدول العربية والإسلامية سيصب في مصلحة حليفتها إسرائيل –على اعتبار أنها ستعيش وجوارها أرض محروقة- ثبت فشله إذ هم يدركون الآن، أن إخراج الجيوش الرسمية –عبر الحروب الخارجية والداخلية-وتفكيك وإضعاف أجهزة الدول، لم ينتج عنه إلا إطلاق طاقات المجموعات المسلحة المعادية تصاعديا لإسرائيل، وفتح أوسع المساحات لمواجهتها وإنهاكها بل حتى تفكيكها وتحقيق زوالها.
وإذ يرى الكثيرون -ولهم كل الحق- بأن أمريكا ستحول كل شيء إلى رماد وأن إستراتيجيتها صارت هدما لكل شيء حضاري من مصانع إلى مؤسسات إلى مبان إلى الدول والمجتمعات، فالمختلف عن هذا التقدير، هو أن الولايات المتحدة لن تستطيع بالمقابل تحقيق السيطرة على المجتمعات والثروات والموقع الاستراتيجي لأرض العالم الإسلامي، إذ المتابع المدقق لا شك يرى أن الموقف الشعبي من الولايات المتحدة يتصاعد كرها وعداء دون توقف في صعوده، وأن دورة العمل العسكري تأتي كلها باتجاه العداء للولايات المتحدة، وأن النخب في المجتمعات العربية الإسلامية صارت تدفع ثورات الربيع للتحول من تغيير حكامها إلى المواجهة مع الولايات المتحدة، بعد أن اتضح جليا أنها هي من تقف خلف الثورات المضادة، بل هي الفاعل والمدبر لها. وإذ وسعت الولايات المتحدة (ومن يتحالف معها) العداء والحرب، لتشمل كل الحركات والجماعات الإسلامية كافة، فهي لم تفعل سوى تحشيد القوى ضدها، وتقليص الخلافات بين خصومها، وتوحيدهم في مواجهة العدو الأخطر الذي لم يعد إلا هي. وهي إذ اختارت –ومن بعد اضطرت-للميل نحو إيران والتحالف معها في مواجهة الإسلاميين، فهي زادت النار اشتعالا وأعطت مبررات أقوى لمواجهتها، إذ باتت في نظر الجميع حليفة لخصمي وعدوي الإسلاميين، إيران وإسرائيل.
لقد كانت طلقة البداية لكل هذا الدمار والتخريب والقتل والتسلح، هي العدوان الأمريكي على أفغانستان واحتلالها، ومن بعد هي تغولت في القتل والدمار والتفكيك والتقسيم والاقتتال الداخلي حين قامت بهدم العراق واحتلاله. وهكذا حين هبت الثورة السورية سلمية لعبت الولايات المتحدة ذات لعبتها المعتادة. فكما أبلغت الرئيس العراقي السابق صدام حسين عدم تحركها ضده، إذا اجتاح الكويت واحتلها، فهي فعلت الأمر نفسه بطريقة أخرى مع بشار، إذ وقفت متفرجة- وهي المدعية بأنها الدولة الحارسة لحقوق الإنسان في العالم –وحين تحركت جاء تحركها ليصب عداء ضدها، فحين لجأ الشعب السوري إلى السلاح دفاعا عن نفسه، لعبت لعبتها وأصدرت فيتو سري-علني بمنع تزويد قوات الثورة بالسلاح وصارت تقترب من النظام وحلفائه تحت عنوان مكافحة الإرهاب، بما جعل الشعب السوري يرى المواجهة معها مثلما هي مع بشار وإيران. وهي من بعد تحولت عبر وكلائها وحلفائها المحليين وعبر تحالف متنامي مع إيران لمواجهة الإسلام بكل تياراته، بما وسع الجبهة ضدها وحلفائها وطرح فكرة التغيير المتوجه بالعداء المسلح لكل نفوذ ودور وتواجد للولايات المتحدة في المنطقة.
باختصار شديد. المعركة انقلبت في العالم الإسلامي بعد أن توفر لخصوم وأعداء الولايات المتحدة كل أسباب ووسائل الصراع معها، وعلى رأس تلك العوامل حالة ضعف الدولة القطرية التي أرادتها الولايات المتحدة وسيلة لتطوير نشاط رجالها الأكثر أصالة والأكثر قدرة على إدارة الحرب ضد الحركات والاتجاهات الإسلامية، فانقلبت لتصبح مساحة مفتوحة لحركة ونشاط الاتجاهات الإسلامية بما اضطر الولايات المتحدة للتدخل المباشر، فزادت الولايات المتحدة الطين بله.
لقد طالت الحرب الأمريكية وقتا حتى انكشفت كل أبعادها، وهي وسعت جبهة أعدائها وفككت قدرة خصومها واندفعت بتوسيع القوى التي تعتبرها متطرفة فشلت القوى العريضة في المجتمعات، وهذا هو المغزى الاستراتيجي لمقولة: أمريكا لم تعد تمتلك إستراتيجية في المواجهة الجارية.
يسيطر التطرف على كل شيء في العالم العربي، كل شيء أصبح تطرفا وكل شيء صار دافعا للتطرف، حتى صار التطرف لغة الصراع والحوار بل حتى لغة الحياة.
نقلا عن “الشروق”
إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟
ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …