‫الرئيسية‬ أخبار وتقارير قانون الانتخابات البرلمانية يكرس الطائفية والمحاصصة وتقسيم المجتمع
أخبار وتقارير - ديسمبر 12, 2014

قانون الانتخابات البرلمانية يكرس الطائفية والمحاصصة وتقسيم المجتمع

“الكوتة”.. المحاصصة.. التمييز الإيجابي” مفردات لم تعرفها الدساتير المصرية جميعها، والتي وضعت لأول مرة بنص دستوري في دستور 2014، والتي ترجمها مشروع قانون تقسيم الدوائر لأمر واقع وحاكم لبرلمان 2015 المقرر إجراء انتخاباته قبل نهاية مارس المقبل، وحاكم لانتخابات المجالس المحلية أيضا.

ووضع دستور 2014 لجنة الخمسين المعينة لتعديل دستور 2012 برئاسة وزير الخارجية الأسبق عمرو موسى، وجاءت هذه الكوتات والمحاصصة ترضية لشرائح بعينها على رأسها الأقباط، بما يهدم أصل الانتخابات القائمة على المنافسة الحرة.

ولذلك اعتبره محللون بأنه برلمان قائم على التقسيم الفئوي والطائفي والمجتمعي والعرقي والديني مسبقا، وعلى التمييز لفئات على أخرى على أساس السن والنوع وطبيعة العمل والسكن والديانة، فالكوتة بدستور 2014 منحت حصصا معينة لفئات الأقباط والشباب والمرأة والفلاحين والعمال والمصريين بالخارج، وذوي الاحتياجات الخاصة.

وحذروا من أن هذه الكوتة لشرائح بعينها تسبب احتقانات مجتمعية، حيث تأتي في ظل إقصاء ومنع الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية من مجرد المشاركة بالانتخابات بعد قرارات الحل والحظر والتجميد، رغم حيازتها على الأكثرية بالبرلمان السابق المنحل.

أيضا هناك تضارب وغموض في كيفية احتساب الحصص للفئة الواحدة، فالمرأة موجودة بكوتة المرأة والشباب بنفس الوقت، خاصة عند تطبيق نص المادة (180) من دستور 2014 الخاصة بالمجالس المحلية.

وتتضمن “على أن يُخصص ربع عدد المقاعد للشباب دون سن خمس وثلاثين سنة وربع العدد للمرأة، وتتضمن تلك النسبة تمثيلا مناسبا للمسيحيين وذوي الإعاقة، على ألا تقل نسبة تمثيل العمال والفلاحين عن خمسين بالمائة من إجمالي عدد المقاعد”.

وبذلك يخالف دستور 2014 نفسه بالمحاصصة، حيث يتناقض مع نصوص دستورية داخله تنص على مبادئ المواطنة والمساواة في الحقوق والواجبات.

فقد نصت المواد (243) و(244) على أنه “تعمل الدولة على تمثيل العمال والفلاحين وتمثيل الشباب والمسيحيين والأشخاص ذوي الاعاقة تمثيلاً ملائماً في أول مجلس للنواب يُنتخب بعد إقرار هذا الدستور، وذلك على النحو الذي يحدده القانون”.

ونصت المادة (11) على أنه “وتعمل الدولة على اتخاذ التدابير الكفيلة بضمان تمثيل المرأة تمثيلا مناسبا في المجالس النيابية”.

وترجمة لهذه النصوص جاء تقسيم المقاعد الخاصة بمشروع قانون تقسيم الدوائر بواقع 56 مقعدا للمرأة، و24 مقعدا للأقباط، و16 مقعدا للشباب، و16 للعمال والفلاحين، و8 للمصريين المقيمين في الخارج، و8 لذوي الاحتياجات الخاصة، بالإضافة إلى حق الرئيس في تعيين 27 نائب بنسبة 5% في البرلمان المقبل طبقا لما نص عليه الدستور.

وتتعارض هذه الكوتة لهذه الفئات مع نصوص أخرى بالدستور نفسه، أهمها ديباجة الدستور التي نصت على “نكتب دستورا يحقق المساواة بيننا في الحقوق والواجبات دون أي تمييز”…، و”أن الثورات أرست مبدأ المواطنة والمساواة بين أبناء الجماعة الوطنية”.

والمادة (4) “السيادة للشعب.. ويصون وحدته الوطنية التي تقوم على مبادئ المساواة والعدل وتكافؤ الفرص بين جميع المواطنين”.

وتتناقض الكوتة مع نص المادة (14) التي تقول إن “الوظائف العامة حق للمواطنين على أساس الكفاءة، ودون محاباة أو وساطة”.

في إطار تعليقه على تطبيق الكوتة ونظام الحصص الفئوية ببرلمان 2015، قال الباحث السياسي ياسر زيادة: “بالنظر للدستور المصرى فإنه أقر المساواة كاملة بين كل المواطنين ولم يفرق بينهم لا على الدين أو اللغة أو الجنس أو اللون”.

وأضاف- لـ”وراء لأحداث”- “وبالتالى فلا معنى لتخصيص حصص برلمانية لفئات بعينها، خاصة وأن نفس السلطة التى تقر هذه المحاصصة تعمل على إقصاء كامل للتيار الإسلامى وكل معارض للانقلاب، وحتى تهدد بحل البرلمان إذا تم انتخابهم كما قال قائد الانقلاب ذات مرة”.

واعتبر “زيادة” “فكرة الكوتة للفئات التى تم تمييزها فى قانون تقسيم الدوائر هو لمغازلتها وضمان تأييدها لسلطة الانقلاب أو فكرة دفع ثمن تأييد الانقلاب من البداية، ويعنى هنا تخصيص نسبة للمسيحيين”.

وأوضح “الباحث السياسي” “أنه إن كان ثمة تخصيصا للمقاعد بناء على وضع وعدد كل فئة، فكان من الأولى أن تخصص مقاعد البرلمان كاملة وفق عدد القوة التصويتية للناخبين”،
وتابع “فيكون نسبة 60% من مقاعد البرلمان لمن هم أقل من 40 عاما، و40% من المقاعد لمن هو فوق 40 عاما. وهكذا يتم تمثيل حقيقى لفئات المجتمع وخاصة الشباب، ويتم الابتعاد عن مجموعة رجال الأعمال”.

وأشار “زيادة” إلى أنه “بالرغم من أن هذه المحاصصة تدخل فى المقاعد المخصصة للقائمة فقط ولا تدخل فى إطار المقاعد الفردية، ولكنها مرفوضة لعدة أسباب، أهمها تعارضها مع مبدأ المساواة بين المواطنين فى الترشح، وكذلك حقهم فى اختيار من يمثلونه بحرية دون إجبار”.

وأكد “زيادة” “تكريسها للطائفية فى مصر بدلا من التأكيد على أن المصريين شعب واحد، وبالتالى إمكانية “لبننة” مصر وتقسيمها مجتمعيا فى المستقبل، أيضا يثير حفيظة كافة فئات المجتمع وأحقيتها بأن تطالب لنفسها بحصة معينة (كالأطباء – المهنيين – المهمشين وغيرهم) مما يهدم أصل العملية الانتخابية بالكامل”.

ولفت إلى “أنه يؤكد أن هذه الفئات لا يمكن أن تصل للبرلمان وفق قدراتها الشخصية، بجانب تجاهل أصل المشكلة وهى سوء الثقافة والتعليم، ويكرس مفهوم أن عضو البرلمان هو ابن دائرته أو ابن قطاعه، وهذا يتنافى مع الأصل فى وظيفة عضوية البرلمان أنه نائب عن الشعب كله وليس الدائرة التى انتخبته فقط”.

“كما أنه بفرض إيجابية نظام المحاصصة، فإن النسب المعلنة لكل فئة لا تتناسب مع عددها الحقيقى من إجمالى عدد السكان، فلا يعقل أن يكون معظم المصريون عمالا وفلاحين، ثم يتم تمثيلهم فقط بـ16 مقعدا وهكذا باقى الفئات المميزة”.

ويرى محللون أن الدول حين تريد دعم شرائح مثل المرأة والشباب، تقوم بإتاحة الفرصة لهم وفقا للآليات الديمقراطية والممارسة السياسية والحزبية.

المحاصصة سواء بالمجالس النيابية أو المجالس المحلية، تكرس الطائفية وتضع لها جذورا، وتدخل المجتمع في دوامة لا نهاية لها، فالكوتة تفتح باب تفتيت المجتمع وتقسيمه، وهي مدخل للتوترات والتحزبات، وهدم للمواطنة التي تساوي إلغاء الحصص وإلغاء التمييز بكافة أشكاله سواء التمييز الإيجابي أو السلبي.

كما أن تطبيق الكوتة ليس حلا لتخفيف الظلم الذي تعرضت له هذه الفئات المطالبة بالكوتة، وبعد رفعه يتحول لحق مكتسب يصعب انتزاعه.

وكانت الكوتة بعهد مبارك ثم تم التراجع عنها ولم يحدث شيء؛ لأنها كانت متضمنة بقانون الانتخابات، أما تضمين الكوتة والتمييز بنص دستوري يمثل خطورة كبيرة؛ لأنه وضع جديد بحكم الدستور مثبت ويفرز ثلاث أو أربع أنواع جدد من المواطنين، ويحدث عملية فرز وتصنيف مجتمعي جديد.

فتصبح المرأة مواطنا له طابع خاص وحقوق خاصة، وكذلك شريحة الشباب والعمال والفلاحين والأقباط، كتمييز دستوري وقانوني.

كما أن هناك لآليات وبدائل أخرى سياسية وعملية لحل مشكلات هذه الشرائح المجتمعية بإلزام الأحزاب بوضع المرأة رقم واحد أو 2 في 30% من القوائم، والباقي يظل للمرأة حرية المنافسة عليه تنافسا عاديا بالفردي أو قائمة، أي أن التمييز الإيجابي داخل العملية الانتخابية وليس مجاله في الدستور.

وجاءت الكوتة نتيجة أزمة الصراعات السياسية ما بعد 3 يوليو، والتي جعلت لجنة الخمسين تعبر عن قضية فئوية بما يمهد لكوتة جغرافية مستقبلا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟

ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …