لن يدوم
موجز بعض أخبار بعض شبابنا المحبوس:
١ــ بالأمس، وللمرة الثالثة، «تعذر» على الداخلية نقل الطالب محمود محمد من سجنه فى الاستئناف إلى المحكمة فتم تأجيل جلسته وظل فى الحبس. محمود عنده ١٨ سنة وهو فى الثانوية، احتجزه الأمن يوم ٢٥ يناير ٢٠١٤ وحرز له تيشيرت «وطن بلا تعذيب» كان يرتديه تحت السويتر. محمود يهوى ويجيد الرسم والخط العربى فمنعوا عنه الورق والأقلام.
2ــ أحمد جمال زيادة، المصور الصحفى المحبوس احتياطيا (على ذمة القضية ٧٣٩٩ لسنة ٢٠١٣ إدارى مدينة نصر ثان بسجن أبوزعبل) منذ نزل لتصوير أحداث جامعة الأزهر فى ٢٨ ديسمبر الماضى ــ يعنى حبس احتياطى سنة ــ والمتهم بـ«التظاهر والتجمهر وإتلاف منشآت حكومية والتعدى على قوات الأمن»، والمضرب عن الطعام منذ ٩٠ يوما، ذهب أخوه لزيارته يوم الأحد.
يحكى محمد جمال: “كالعادة فى أى زيارة نستنى طابور ساعتين ولإن أحمد مسجون سياسى مش بيدخلله كتب أو جرايد.. النهاردة قعدنا مستنيين أحمد أخويا لقينا المساجين كلها خارجه عليهم علامات الضرب.. وأحمد شعره مبهدل ومبلول ووشه عليه علامات الضرب.. قاللى انه كان فى تفتيش من ادارة السجون وأمن الدولة دخلوا الفجر”.
يحكى أحمد جمال: «بالأمس اقتحم الزنزانة اشخاص طوال الجسم وصغار العقل. ملثمون ويرتدون السواد. اصواتهم غليظة وفى ايديهم اسلحة وعصى فض اشتباكات. أمرونا ان نجلس على الأرض وأن نضع وجوهنا فى وجه الجدران ونضع ايدينا فوق رؤسنا كما الأسرى فى الحروب، ثم ضربونا ضربا مبرحا دون سبب. ضربونا وكأننا مثلا قتلنا أولادهم أو خربنا ديارهم. ضربونا بانتقام لم أرَ مثله من قبل.. اعترضنا فازداد الضرب عنفا ووحشية. وكانوا ينعتوننا بأبناء العاهرة.. نادوا على أسماء بعينها، منهم الرفيق أحمد مصطفى، وقيدوا أياديهم وأرجلهم من خلاف وأخذوهم إلى مكان غير معلوم.. نادى (أحدهم) على اسمى وكان يعلم عنى كل شىء، وقال إنت بقى أحمد جمال زيادة، إنت بقى اللى مضرب يا إبن الـ..، وكان يعلم أننى من رسمت صورة الشهيد جابر جيكا على جدار الزنزانة، فسألنى: من هذا؟ فقلت واحد من ضمن اللى قتلتوهم. فضربنى بعصاه.. لم يتركوا أخضر ولا يابس، فقد سرقوا كل شىء (الملابس الشتوية، سخانات المياه، كراسى يجلس عليها كبار السن، سجائر، ساعات، بطاطين)، أما الأشياء التى لن يستفيدوا منها فدمروها، وقطعوا كل أوراقى وكتبى.. وقال بتسمع راديو يابن الـ.. وحطمه وداسه ببيادته.. وبعد انتهاء الزيارة رأيت أحمد مصطفى ورفاقه فى سيارة الترحيلات فنادانى وقال «لا تحزن. واكتب ما حدث ولا تمل الكتابة» ولهذا أكتب.
صعدت إلى زنزانتى حيث أربعة جدران وبلاط كالجليد دون أى شىء يمكن استخدامه فى المعيشة، وجلسنا ورفاقى نغنى حتى لا ننكسر
واطلق كلابك فى الشوارع
واقفل زنازينك علينا…
الإثنين/ ٨ ديسمبر
محمد جمال: «خمسة وعشرين معتقل وأحمد مصطفى وراجل كبير معاهم عنده ٦٢ سنة متربطين من ايديهم ورجليهم ومرميين ف الارض.. والراجل الكبير ده متألم جدا.. احمد اخويا دايما ف كل زيارة من اول الشتا وهو بيقوللى الدنيا برد قوى هنا حتى لو لبست لبس الدنيا كله هكون بردان.. والنهارده بقى حرقوا كل هدومه الشتويه وأخدوا بطاطين.
أحمد جمال زيادة محاكمته بعد غد يوم ١٣ أمام دائرة إرهاب.
3ــ تناقلت مواقع الإنترنت قائمة تمنيات للطالب السجين، عبدالرحمن الجندى، ١٩ سنة، جاء بها:
مخدة بدل الشبشب أسند راسى عليها
أفرد رجلى وأنا نايم
أتقلب
مكان أذاكر فيه وحاجة أعلى من الأرض أسند عليها
أشوف أهلى أكتر من نص ساعة كل أسبوعين
أشوف الشمس
أدخل الامتحانات
ويذكر أن أخته ذهبت لزيارته من أيام فلم تتمكن من رؤيته، وهى تحكى:
النهاردة رحنا الزيارة عشان أنا وأخويا الصغير عندنا مدرسة طول الأسبوع ومبنعرفش نشوف بابا وعبدالرحمن غير يوم السبت.
رحنا لحد سجن وادى النطرون (مسافة سفر لأن السجن على طريق القاهرة ــ اسكندرية الصحراوى) فى نحو ساعتين. سجلنا ودخلنا وفضلنا مستنيين عشان ينادوا علينا عشان نزور فطلع واحد قال: «عبدالرحمن محمد الجندى ومحمد مصطفى الجندى ملهمش زيارة النهاردة»، فماما راحت تتفاهم معاه وقالتله ده احنا جايين من آخر الدنيا قالها «مش مشكلتى حتى لو جايين من تل أبيب! دى سياسة سجن وده القانون» وكلمها بأسلوب وحش وزعيق وخلاصة اللى قاله ان الزيارة كل ١٥ يوم والنهاردة اليوم الـ١٤ فإحنا نمشى ونيجى تانى بكرة كإن السجن ده جنب بيتنا والموضوع بسيط.
ماما دخلت استأذنت من نائب المأمور انه يدينا «استثناء ٢٤ ساعة» عشان مانرجعش المسافة دى كلها على الفاضى فقالها «خلاص همضيلك على ورقة الاستثناء وهتزوروا بس بعد كده احسبى معاد الزيارة صح».
فضلنا مستنيين عشان حد ينادى علينا عشان ندخل نزور محدش نادى، رحنا نشوف ايه المشكلة فالظابط اللى كلم ماما بطريقة مش كويسة قاللها المأمور ورئيس المباحث رفضوا وانتوا مالكوش زيارة. فضلنا مستنيين لحد الزيارة الرابعة على ان أى حد يدخلنا مافيش
فى الآخر مشينا. وبعد ما وصلنا البيت جالنا تليفون ان بابا وعبدالرحمن كانوا متجهزين من الساعة ٨:٣٠ عشان يطلعوا للزيارة (من ساعة ما نائب المأمور وافق على الزيارة) وان النهاردة عملوا ٥ زيارات مش ٤ وطلعوا بابا وعبدالرحمن لحد مكان الزيارة وفضلوا مستنيين.. ورجعوهم الزنزانة تانى.
وعرفنا إن المأمور ورئيس المباحث اللى اتقاللنا انهم موافقوش على الزيارة دول ماكانوش موجودين النهاردة أصلا، يعنى الراجل كان بيضحك علينا عشان مكانش عاجب سيادته انه يقولنا مفيش زيارة وواحد تانى يقولنا انه موافق على الزيارة.
4ــ منتصف الليل، السبت، كتب أحد النشطاء:
الوضع فى معسكر أمن بنها صعب جدا، معظم المسجونين هناك أطفال أقل من ١٨ سنة، ممنوع عنهم الزيارة تماما، فى اهالى بقالهم اكتر من ١٠ شهور مش بيشوفوا ولادهم ولا يعرفوا عنهم حاجة غير فى جلسة التجديد. الاهالى مبتعرفش تدخل لاولادهم الاعاشة غير كل اسبوع بعد ما بيتذلّوا من العساكر. يا ريت حد يهتم بالناس دى.
حد هيهتم؟ طيب يهتم بمين واللا مين واللا إيه؟ باستخدام الحبس الاحتياطى كعقاب؟ بالداخلية تقرر مين يحضر جلسته ومين مايحضرش؟ بضباط النوباتشية يتسلوا على الأهالى؟ بالأوضاع غير الآدمية والتعدى على البنى آدمين فى السجن الظالم أصلا؟ بحبس الأطفال ومذلة أهاليهم؟ استمروا، استمروا، وإن كان العدل أساس الملك فإن ملككم لن يدوم.
إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟
ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …