‫الرئيسية‬ مقالات “قايد صالح” ليس “سوار الذهب” وليس “رشيد بن عمار”؟!
مقالات - أبريل 3, 2019

“قايد صالح” ليس “سوار الذهب” وليس “رشيد بن عمار”؟!

صدر بيان عن الجيش الجزائري يطالب فيه بإعلان حالة الشغور وتنحي الرئيس عبد العزيز بوتفليقة فورًا، وأنه لا يمكنه السكوت عما يحاك للشعب من مؤامرات من طرف ما أسماها عصابة امتهنت التدليس والخداع.

واعتبر بيان الجيش أن البيان المنسوب إلى رئيس الجمهورية صادر عن جهات غير دستورية وغير مخولة، ويتحدث عن اتخاذ قرارات مهمة تخص المرحلة الانتقالية، وأن أي قرار يتخذ خارج الإطار الدستوري مرفوض جملة وتفصيلا.

وأكد أن قرار الجيش واضح، وهو الوقوف مع الشعب حتى تتحقق مطالبه كاملة، وأنه ينحاز إلى الشعب الذي صبر طويلا، وحان الوقت لأن يسترجع حقوقه المشروعة.

كما أن رئيس أركان الجيش “أحمد قايد صالح” قال: يجب التطبيق الفوري للمواد 7 و8 و102 من الدستور، بما يضمن تسيير شئون الدولة في إطار الشرعية الدستورية، وأنه لا مجال لمزيد من تضييع الوقت.

مساعي الجيش تهدف إلى حماية الشعب من العصابة التي امتهنت الغش والتدليس والخداع في حق الشعب.

هذا البيان من الجيش وهذا التصريح من رئيس الأركان يكتنفه الغموض؛ لأن تجارب العسكريين الجزائريين على مدار تاريخها تشي بأنها لم تكن يومًا في صالح الشعب الجزائري.

لذلك يجب على الشعب الجزائري أن يعي جيدًا، أن من المقتضيات الثورية رفض الدستور القائم وليس الاحتكام إليه كما يريد رئيس الأركان؛ لأن الحراك الشعبي الذى يحتكم للدستور محكوم عليه بالفشل، وهو بمثابة قبلة الحياة وطوق النجاة الذى يلقى به الحراك الشعبي لعصابة العسكر لالتقاط الأنفاس والانقضاض على الحراك.

كما يجب على الشعب أن يحذر من الالتفاف على الحراك الشعبي من خلال الآليات التي يتقنها العسكر، مثل التواصل مع بعض الرموز التى ليس لها دور فى الحراك من الأساس من ليبراليين ويساريين وحاقدين ومرتزقة تتقاطع مصالحهم مع العسكر، وهم كثر بطبيعة الحال.

لا ينتظر الجزائريون من “قايد صالح” أن يكون مثل “سوار الذهب”؛ لأن “سوار الذهب” بطبيعة الحال ينحدر من أسرة محافظة، وهو حافظ لكتاب الله، ونشأ نشأة صوفية روحية، أثرت فى بناء شخصيته، بعكس “قايد صالح” ذراع بوتفليقة وحليفه القوى.

كما أن قايد صالح ليس “رشيد بن عمار”، رئيس أركان الجيش، الذي انتصر لإرادة الشعب التونسى، والتزم بالدور الدستوري والتقليدي والوطني للجيش الوطني في حماية أراضي الوطن دون التدخل في السياسة، كما رفض الانصياع لأوامر “بن علي” بإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين منذ الأيام الأولى للاحتجاجات، وهو الذي أدى إلى إقالته من منصبه ووضعه تحت الإقامة الجبرية.

وأنه عشية يوم هروب “بن علي”، في 14 يناير 2011، قامت قوات من الجيش بحصار القصر الرئاسي ومطار قرطاج، واستطاعت أن توقف هروب العديد من أفراد عائلة “بن علي”، وزوجته ليلي الطرابلسي، وعندما دخلت قوات الأمن العسكري قصر قرطاج تبين أن “بن على” غادره منذ ساعة تقريبًا عبر طائرة مروحية إلى مطار قرطاج، ومن المطار إلى جهة غير معلومة في ذلك الوقت.

أما صالح قايد، فقد يشتم من تصريحاته التلويح باستعمال القوة، والتذكير بعشرية الدم السوداء، وتوظيف الورقة السورية للإيحاء بأن هناك مؤامرة ضد الجزائر بأن عسكر الجزائر على استعداد لفعل أي شيء مقابل استمراره في الحكم، كما أن تصريحاته توحى بالريبة، عندما قال إنه ليس لديه طموح سياسى، وهو ما يؤكد أن العكس هو الصحيح.

ما أشبه الليلة بالبارحة، فى يوم ١١ فبراير ٢٠١١ تنحى ‎مبارك وكلف المجلس العسكري بإدارة شئون البلاد، وألقى عمر سليمان خطاب التنحي، نفس المشهد يتكرر، مومياء يتنحى أو ينحى، ليس هناك فرق كبير، وعسكري يلقى خطاب التنحي، ومطبخ يتولى صياغة المشهد القادم فى غياب الشعب الجزائري.

لذا وجب استمرار الحراك وعدم مغادرة الشارع تحت أي مزاعم، وعدم اليأس من مماطلة العسكر وتفعيل المواد الدستور، وغير ذلك من ألاعيب شيحا العسكر، لأن العسكر يراهنون على عامل الوقت ليس إلا.

الحركة الإسلامية الجزائرية بكافة مشاربها، مدعوة إلى الاتزان وعدم الدخول فى مهاترات مع أحد كائنا من كان، وتحزم أمرها وتتمسك بثوابت الشعب الجزائري من قيم العروبة والإسلام واستعادة أشعار بن باديس التى يقول فيها:

شَعْـبُ الجـزائرِ مُـسْـلِـمٌ وَإلىَ الـعُـروبةِ يَـنتَـسِـبْ

مَنْ قَــالَ حَـادَ عَنْ أصْلِـهِ أَوْ قَــالَ مَـاتَ فَقَدْ كَـذبْ

عدم الوثوق في أي شخص، خاصة من كان يوما جزءًا من العصابة الحاكمة التى نهبت خيرات البلاد وقمعت أحلامه، مهما زور الكلام المعسول، أو أطلق الوعود الوردية، لأن فاقد الشيء لا يعطيه، فهؤلاء فقط يتحيّنون فرصة لالتقاط الأنفاس، ولن يتورعوا عن عشرية سوداء ثانية وثالثة!.

الاهتمام الغربي بالوضع فى الجزائر يلقى بظلال كثيفة من الشك على المشهد، فقد صرح وزير الخارجية الفرنسي “جون إيف لودريان” بأن استقالة “بوتفليقة” لحظة تاريخية في تاريخ الجزائر، وأن باريس تثق في قدرة الجزائريين على مواصلة الانتقال الديمقراطي بطريقة هادئة، وعندما تخلى بوتفليقة عن الترشح لولاية رئاسية خامسة، قال متحدث الخارجية الفرنسية: إن بلاده تدعم الجهود التي تبذلها الجزائر لرسم طريق جديد للمضي قدما على أساس حوار يحترم إرادة جميع الجزائريين،

كما أن موسكو أعربت عن أملها في أن تتم عملية الانتقال السياسي في الجزائر من دون تدخل خارجي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟

ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …