‫الرئيسية‬ أخبار وتقارير بين إعلان “مرسي” وتعديل المنقلب.. أين “بلاك بلوك” وأحزاب “مقاومة الاستبداد”؟
أخبار وتقارير - فبراير 6, 2019

بين إعلان “مرسي” وتعديل المنقلب.. أين “بلاك بلوك” وأحزاب “مقاومة الاستبداد”؟

ما بين الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس محمد مرسي وترقيع الدستور الذي قرر قائد الانقلاب إجراءه، ظهرت خطة القوى السياسية والأذرع الإعلامية للمخابرات؛ التي تربصت بالأول رغم الغرض النبيل الذي سعى إليه، فيما بررت للثاني رغم القمع والديكتاتورية التي لا تخطئها عين في كافة قراراته.

وربما لم يكن مفاجئا تهليل معسكر الانقلاب من قيادات الجيش والمخابرات الحربية التي يديرها عبد الفتاح السيسي ومن حالفهم من العلمانيين والناصريين واليساريين، والدولة العميقة التي أسسها الرئيس المخلوع حسني مبارك، فى مقابل التربص بالرئيس محمد مرسي في كل قراراته وتحركاته.

وحين وعد الرئيس محمد مرسي بالسعي إلى إنجاز خطوات جادة في عدد من القضايا الملحة خلال مائة يوم تربص له معسكر الانقلاب، حتى إن الجريدة الرسمية الأولى “الأهرام” كانت تعد يوميا لتهييج المصريين على الرئيس. إلا أن أهم ما استغله معسكر الانقلاب في التهييج والإثارة، هو الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس محمد مرسي، حينما وجد أنه يقف وحده دون مؤسسات الدولة؛ حيث حل المجلس العسكري مجلس الشعب قبل انتخاب الرئيس ليوجد فراغ تشريعي حوله، وأصدر إعلانات دستورية لتقييد يده في الحكم، حتى إن الوضع أصبح مثل رجل مقيد اليدين ومربوط في قضبان السكة الحديدية.

الإعلان الدستوري

أصدر الرئيس مرسي إعلانا دستوريا في الثاني والعشرين من نوفمبر 2012 نص فيه على ما يلي:

“بعد الاطلاع على الإعلان الدستوري الصادر في 13 فبراير 2011، وعلى الإعلان الدستوري الصادر في 30 مارس 2011، وعلى الإعلان الدستوري الصادر في 11 أغسطس 2012.

لما كانت ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011 قد حمّلت رئيس الجمهورية مسؤولية تحقيق أهدافها والسهر على تأكيد شرعيتها وتمكينها بما يراه من إجراءات وتدابير وقرارات لحمايتها وتحقيق أهدافها، وخاصة هدم بنية النظام البائد وإقصاء رموزه والقضاء على أدواته في الدولة والمجتمع والقضاء على الفساد واقتلاع بذوره وملاحقة المتورطين فيه وتطهير مؤسسات الدولة وتحقيق العدالة الاجتماعية وحماية مصر وشعبها والتصدي بمنتهى الحزم والقوة لرموز النظام السابق والتأسيس لشرعية جديدة تاجها دستور يُرسي ركائز الحكم الرشيد الذي ينهض على مبادئ الحرية والعدالة والديمقراطية ويلبي طموحات الشعب ويحقق آماله، فقد قررنا ما يلي:

المادة الأولى: تعاد التحقيقات والمحاكمات في جرائم القتل والشروع في قتل وإصابة المتظاهرين وجرائم الإرهاب التي ارتكبت ضد الثوار بواسطة كل من تولى منصبا سياسيا أو تنفيذيا في ظل النظام السابق وذلك وفقا لقانون حماية الثورة وغيره من القوانين.

المادة الثانية: الإعلانات الدستورية والقوانين والقرارات الصادرة عن رئيس الجمهورية منذ توليه السلطة في 30 يونيو 2012 وحتى نفاذ الدستور وانتخاب مجلس شعب جديد تكون نهائية ونافذة بذاتها غير قابلة للطعن عليها بأي طريق وأمام أية جهة، كما لا يجوز التعرض بقراراته بوقف التنفيذ أو الإلغاء، وتنقضي جميع الدعاوى المتعلقة بها والمنظورة أمام أية جهة قضائية.

المادة الثالثة: يعين النائب العام من بين أعضاء السلطة القضائية بقرار من رئيس الجمهورية لمدة أربع سنوات تبدأ من تاريخ شغل المنصب، ويشترط فيه الشروط العامة لتولي القضاء وألا يقل سنه عن 40 سنة ميلادية ويسري هذا النص على من يشغل المنصب الحالي بأثر فوري.

المادة الرابعة: تُستبدل عبارة تتولى إعداد مشروع دستور جديد للبلاد في موعد غايته 8 أشهر من تاريخ تشكيلها، بعبارة تتولى إعداد مشروع دستور جديد للبلاد في موعد غايته 6 أشهر من تاريخ تشكيلها الواردة في المادة 60 من الإعلان الدستوري الصادر في 30 مارس 2011.

المادة الخامسة: لا يجوز لأية جهة قضائية حل مجلس الشورى أو الجمعية التأسيسية لوضع مشروع الدستور.

المادة السادسة: لرئيس الجمهورية إذا قام خطر يهدد ثورة 25 يناير أو حياة الأمة أو الوحدة الوطنية أو سلامة الوطن أو يعوّق مؤسسات الدولة عن أداء دورها، أن يتخذ الإجراءات والتدابير الواجبة لمواجهة هذا الخطر على النحو الذي ينظمه القانون.

المادة السابعة: يُنشر هذا الإعلان الدستوري في الجريدة الرسمية ويُعمل به اعتبارا من تاريخ صدوره.

كما صدر عن الرئيس محمد مرسي قرار إقالة نائب عام مبارك وتعيين المستشار طلعت إبراهيم عبد الله بديلا له.

ماذا حدث؟

ومنذ اللحظة الأولى لصدور الإعلان الدستوري، أثار معسكر الانقلاب الدنيا ولم يقعدها في وجه الرئيس مرسي، وعمل على حرق مؤسسات الدولة، وتعطيل المرور، ومرافق الدولة وخاصة المترو وحركة الملاحة، وقاموا بالاعتصام على باب القصر، وسمح معسكر الانقلاب للمتظاهرين باقتحام القصر الجمهوري، وربط بوابته في سلسلة بونش لهدمها، وتسبب فى قتل وهرج، حتى اضطر الرئيس مرسي إلى ألغاء الإعلان الدستوري الذي أصدره في 22 نوفمبر واصدر إعلانا جديدا.

و نص إعلانه الجديد على أنه في حالة رفض الناخبون في استفتاء 15 ديسمبر مشروع الدستور “يدعو السيد الرئيس في مدة أقصاها ثلاثة أشهر، لانتخاب جمعية تأسيسية جديدة مكونة من مئة عضو انتخابا حرا مباشرا، وتنجز هذه اللجنة أعمالها خلال فترة لا تتجاوز ستة أشهر من تاريخ انتخابها، ويدعو رئيس الجمهورية الناخبين للاستفتاء على مشروع الدستور خلال مدة أقصاها 30 يوما من تاريخ تسليمه إلى رئيس الجمهورية”.

ودعا الرئيس مرسي جميع القوى السياسية (المعارضة) التي لم تشارك في جلسة الحوار إلى “إبداء رأيها في المواد المراد تعديلها من مواد الدستور تمهيدا لتضمينها في وثيقة ملزمة يوقعها السيد الرئيس مع ممثلي هذه القوى السياسية وتتضمن الوثيقة التزاما بالسيد الرئيس بعرض هذه المواد المراد تعديلها على البرلمان (الجديد) في أول جلسة يعقدها ليتم النظر فيها”.

ومع ذلك رفضت المعارضة، واستمرت في الإثارة، والتهييج والحرق، واعتبروها مناورة، وأن الرئيس مرسي مخادع، وظل حرق مؤسسات الدولة وتأسست فرق البلاك بلوك، حتى كره المصريون حياتهم نتيجة تعطل مصالحهم، وتخريب بيوتهم بفعل فاعل، الامر الذي استغله معسكر الانقلاب وعبد الفتاح السيسي في الانقلاب على الرئيس مرسي.

تعديل السيسي

بعد مرور ست سنوات من الانقلاب العسكري الدموي، عمل السيسي على الاستمرار في الحكم بالحديد والنار، ومذ اول يوم اعتبر السيسي أن دستور الفترتين صنع بحسن نية ولا يجوز إلا أن يستمر في الحكم مدى الحياة.

وعلى الفور اتخذ السيسي قرار بتعديل الدستور من خلال زبانيته في برلمان العسكر، وتقدم ائتلاف دعم مصر بطلب لتعديل الدستور، وعلى الفور وفي غضون 24 ساعة أعلن على عبد العال رئيس برلمان العسكر فى الجلسة العامة موافقة اللجنة العامة بالمجلس، بأغلبية ثلثي عدد أعضائها، على مشروع التقرير الذى أعده مكتب المجلس كلجنة فرعية منبثقة عن اللجنة العامة وفقا لحكم المادتين (134، و142) من اللائحة الداخلية للمجلس بشأن الطلب المقدم من 155 عضوا بإضافة وتعديل بعض مواد الدستور، مؤكدا أن رأي اللجنة انتهى إلى توافر الشروط الدستورية والاجرائية فى هذا الطلب وفقا للمادة 226 من الدستور ولائحة المجلس، مشيرا إلى أنه سيتم اتاحة التقرير لكل أعضاء المجلس قبل الجلسة المحددة لمناقشته بسبعة أيام.

وتلا عبد العال نص مشروع التقرير، الذي تضمن خمسة أقسام رئيسية هي:

القسم الأول: المرجعية الدستورية واللائحية لطلب تعديل الدستور، والقسم الثاني: مضمون طلب التعديل، والقسم الثالث: مدى استيفاء الطلب للاشتراطات الدستورية واللائحية، والقسم الرابع: المبادئ الأساسية التى تقوم عليها التعديلات المقترحة، والخامس: رأى اللجنة.

وتم رصد المبادئ الأساسية لتعديل الدستور وهي السماح للسيسي في البقاء بالحكم حتى عام 2034، و إمكان تعيين نائب لرئيس الجمهورية أو أكثر، وتعديل مدة رئاسة الجمهورية لتصبح ست سنوات بدلاً من أربع مع وضع ما يلزم من أحكام انتقالية، و إعادة صياغة وتعميق دور القوات المسلحة.

عناترة السياسة

يقول الكاتب الصحفي وائل قنديل: إنه حكي لنا التاريخ إنه قبل سبع سنوات، أصدر الرئيس المنتخب، محمد مرسي، إعلانًا دستوريًا، في لحظةٍ كانت مصر فيها من دون برلمان، وتعاني نضوبًا في مصادر التشريع، بمواجهة شراسة الثورة المضادة والدولة العميقة، فهاجت الدنيا وماجت، وقال القوم: سقطت شرعية الرئيس الفرعون، وكنت ممن كتبوا ضد ما اعتبرته وقتها تأسيسًا لاستبدادٍ، حتى لو كان المقصد حماية الثورة التي قامت على الاستبداد، وشاركت في لقاءٍ دام عشر ساعات في مقر الرئاسة، وانتهى بإلغاء الإعلان الدستوري (الفرعوني). كان الموقف المعلن لرموز المعارضة وقتها: لا حوار مع الفرعون (مرسي).

وقال الدكتور محمد البرادعي في مقابلة مع وكالتي رويترز وأسوشييتد برس: “إنني أنتظر لأرى بيانات إدانة قوية للغاية من الولايات المتحدة ومن أوروبا ومن أي شخص يهتم حقا بكرامة الإنسان، وأتمنى أن يكون ذلك سريعا”. وعلى خطاه، سار”المناضلون” عمرو موسى وحمدين صباحي والسيد البدوي، معلنين معركة إسقاط الرئيس، حتى بعد إسقاط إعلانه الدستوري الذي كانت بعض موادّه مطلبًا ثوريًا، هم أنفسهم كانوا يرفعونه. ومع ذلك، رفضوا دعوته إلى الحوار. وقال البرادعي “لا مجال للحوار، عندما يقوم دكتاتور بفرض أشد الإجراءات قمعا وبغضا، ثم يقول دعونا نسوي الخلافات”.

وأضاف قنديل: “أتلفت الآن بحثًا عن ردود أفعال المعارضة التليدة، بمواجهة تحويل الدستور إلى خادم في مخدع السيسي، فلا أجد إلا تداعيًا لمعركةٍ في الفراغ المطلق، بعد أن وضعت أوزارها وانتهت، بقتل الدستور، ثم يطالبك بعضهم بالمشاركة في استفتاء على جثته الممدّدة على طاولات العجز والثرثرة.للمرة الألف: هذا نظامٌ وصل إلى السلطة عن طريق إشعال النار في مبدأ الانتخاب وصناديق الانتخاب، ومن يتصوّر أنه قادر على إزاحته بمعركة صناديق، كمن يحرُث في البحر، وينصب خيمة في كبد السماء”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟

ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …