‫الرئيسية‬ مقالات ليهان عمر الصومالية المسلمة المحجبة … وقيمة الإنسان في حريته
مقالات - نوفمبر 8, 2018

ليهان عمر الصومالية المسلمة المحجبة … وقيمة الإنسان في حريته

شاهدنا بالأمس في الانتخابات النصفية في أمريكا كيف ل ليهان عمر الصومالية المسلمة المحجبة تكون أول مسلمة محجبة تمثّل في البرلمان الأمريكي .

ومقولات في توريث الذل والمهانة التي مازال يتداولها أبناء جلدتنا كأن ” تموت على رصيف في بلدك ولو ذليلا خير لك من أن تعيش كريما في غربتك”

ألم يقل الله تعالى { أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا (97)} [النساء: 97]

والرسول صلى الله عليه وسلم المكّي يقول ” والذي نفسي بيده، لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار ولو سلك الناس شِعْبًا وسلك الأنصار شعبًا لسلكت شعب الأنصار “

خلق الله الإنسان ليعيش حرا كريما ولا يقبل الذل والاستعباد تحت أي مسمى يقول الله تعالى { مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ}[فاطر: 10].

والمتأمِّل في كثير من آيات القرآن الكريم، الّتي تتحدّث عن الإنسان ككائن ومخلوق، يكتشف أنّه ليس مجرّد مخلوق عاجز، فالآيات اعتبرته مُكرَّماً، وحامل الأمانة الّتي عجزت السّماوات والأرض عن حملها، ، إذ سخّر الله له ما في السماوات والأرض، وأسبغ عليه نعمه ظاهرة وباطنة.

يقول الشهيد سيد قطب : ( بعض النفوس الضعيفة يخيل إليها أن للكرامة ضريبة باهضة لاتطاق فتختار الذل والمهانة هرباً من هذه التكاليف الثقال فتعيش عيشة تافهة رخيصة مفزعة قلقة تخاف من ظلها وتفرق من صداها يحسبون كل صيحة عليهم ولتجدنهم أحرص الناس على حياة !

هؤلاء الأذلاء يؤدون ضريبة أفدح من تكاليف الكرامة إنهم يؤدون ضريبة الذل كاملة يؤدونها من نفوسهم ويؤدونها من سمعتهم ويؤدونها من اطمئنانهم وكثيراً مايؤدونها من دمائهم وأموالهم وهم لايشعرون .

لابد من ضريبة للحرية يؤديها الأفراد ، وتؤديها الجماعات وتؤديها الشعوب فإما أن تؤدى هذه الضريبة للعزة والكرامة والحرية ، وإما أن تؤدى للذلة والمهانة والعبودية )

إنّ شعور الإنسان بإنسانيّته ينهار حين يبدأ بالنّظر إلى نفسه على أنّه مجرّد كائن لا لزوم له، ومن دون قيمة أو وزن أو كرامة، وبذلك يكون قد مهّد أوّل الطّريق للوقوع في مستنقع الذلّ.

وصدق القائل :

أتحسبُ أنّك جُرْمٌ صغيرٌ وفيك انطوى العالمُ الأكبرُ

دواؤك فيك ولا تُبْصرُ وداؤك منك ولا تشعرُ

كما ان هناك قطاع كبير من المتدينين طيلة قرن مضى دأبوا باسم الدين والإله علي تكريس الذل والتمرغ في المهانة والاستعباد تحت شعار طاعة ولي الأمر وهاهم قد فضحتهم الحوادث وبدلا من سعيهم لتعبيد الجماهير حولهم لله إذا بهم يعبدونهم لأسيادهم .

إنّ ثقافة الذّلّ التي ورثتها الأمّة، عبر تاريخها الطّويل، ما زالت حيّة، وتطلّ برأسها هنا وهناك، وأصبحت سلوكاً مستساغاً ولا تزال ، لإنقاذ رَقَبة، أو لاستمرار ربح أو وظيفة، أو لتأمين حاجة، أو لِنيل حظوة عند صاحب سلطة أو جاه، أو لبلوغ شهوة أو مطمع، أو لخوفٍ من سطوة ظالم أو مستكبر.

فالحريصون على الدّنيا أذلاّء بامتياز، فهم يقبلون عليها إقبال جائع جشع طمّاع، وكلّ همّهم اكتناز ما أمكنهم من المال، وإشباع شهوتهم إلى لذّة أو منصب، من دون أيّ اعتبار للكرامة الشخصيّة .. ولائحة الأذلاّء تطول وصدق الله { وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا (81) كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا (82)} [مريم: 81، 82]

والمجتمعات التي تعيش الحرية ولو بنسبية ما هي الشعوب التي تنتصر لقيم الكرامة ، وتجد فرص الابداع والعطاء تقدمه لأوطانهم ، فلو كان “استیون پال جابز Steven Paul Jobs “مؤسس شركة آبل يعيش في سوريا كيف سيكون حاله ، ولو كان الرئيس السابق أوباما Obama يعيش في كينيا كيف سيكون حاله ، ولو كان زويل يعيش في مصر يجلس على أرصفة شوارع القاهرة كيف سيكون حاله ، وبالأمس شاهدنا ليهان عمر الصومالية المسلمة المحجبة وأول مسلمة محجبة تمثّل في البرلمان الأمريكي فلو كانت تعيش في الصومال كيف سيكون حالها .

إنها الحرية والكرامة التي يعيش من أجلها الانسان فقط في ظلالها يعرف كيف يبدع ويقدم للانسانية ، وحتى نعرف كم جنى حكام بلادنا على بلادنا من جُرْم باذلال شعوبهم وامتهان كرامتهم بشعارات الوطنية الكاذبة .


دكتور صفوت مرسي

أستاذ الفقه وأصوله في جامعة GTF قسم الدراسات الاسلامية

الأمين العام لرابطة علماء الشريعة بأمريكا سابقا

رئيس المركز الاسلامي بسان فرانسسكو- كليفورنيا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟

ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …