‫الرئيسية‬ أخبار وتقارير حاجة لله.. هل يدفع الغلاء المصريين إلى “الشحاتة”؟
أخبار وتقارير - يونيو 5, 2018

حاجة لله.. هل يدفع الغلاء المصريين إلى “الشحاتة”؟

“الشحاتين بيزيدوا بغباء في رمضان.. منك لله يا سيسي خليت الشعب كله يشحت”، المتجوّل في القاهرة لا بدّ من أنّه سوف يلاحظ كل هؤلاء “الشحاتين” في شهر رمضان، بدأ هؤلاء يتكاثرون، ولم يعد يخلو شارع من عشرات النساء والأطفال والرجال الذين يتسوّلون.

ويُرجع مراقبون زيادة أعداد المتسولين في شوارع المحروسة حتى وصلوا إلى قرابة 3 ملايين متسول، إلى موجة الغلاء التي طحنت الطبقتين الفقيرة والوسطى، ووصل الغلاء من الغذاء والملابس إلى أن رفعت حكومة الانقلاب، السبت الماضي، أسعار مياه الشرب للاستخدام المنزلي للمرة الثانية، في غضون أقل من عام بنسبة تصل إلى نحو 46.5%، وشملت الزيادة أيضا رسوم الصرف الصحي.

ولعل اللافت هو انخراط الرجال في هذا النشاط، بعدما كان في وقت سابق مقتصرا على النساء والأطفال، وهؤلاء الرجال يغتنمون شهر الصوم لجمع المال، إذ يعدّونه مصدرا أساسيا لرزقهم، مستغلين الروحانيات الرمضانية وإقبال المواطنين على العبادات بأنواعها، بما فيها الصدقة.

على أبواب الحسين

وأمام مسجد الحسين بالقاهرة، تجلس “أم إبراهيم” الخمسينية التي خط الزمان علاماته على وجهها، تبدو بملابسها السوداء الرثة المُهلهلة وكأنها قد خرجت لتوها من أحد أفلام يوسف شاهين عن العشوائيات، وقالت أم إبراهيم: “أنا أعيل خمسة أبناء ومعي بنت مطلقة، هرب زوجي من الفقر ومعي ولد وبنت.. فإلى أين سأذهب بهم”؟.

وعن إمكانية العمل بشكل شريف، وكسب رزقها بطريقة تحفظ لها كرامتها، أكملت: “الفقر يضيع الكرامة ويكسر الظهر، لكن أين العمل الشريف؟، الشباب المتعلم المتنور عاطل على المقاهي. وأنا لا تعليم لدي ولا صنعة، نحن في كل الحالات شحاتين”.

في المترو

ووسط زحام المواطنين المصطفين في محطات مترو الأنفاق المختلفة، ينتشر بعض الأطفال الذين وضعتهم ظروف الحياة، لبيع أكياس المناديل أو البضائع المتنوعة تارة، أو محاولة استعطاف المواطنين لكسب النقود تارة أخرى، عن طريق التمارض واستخدام الأوراق الطبية المزيفة.

وزادت ظاهرة التسول عقب انقلاب 30 يونيو 2013، حيث يتوزع المتسولون في الشوارع العامة، وأمام المحال التجارية، وفي الأماكن التي يزدحم فيها الناس عمومًا، وتزامن رفع أسعار مياه الشرب للاستخدام المنزلي للمرة الثانية منذ أغسطس 2017 مع أداء قائد الانقلاب السفيه عبد الفتاح السيسي القسم، السبت الماضي، لولاية ثانية من اغتصاب السلطة تمتد أربع سنوات أخرى.

ويترقب المصريون رفع أسعار المواد البترولية والكهرباء ورفع رسوم الخدمات خلال الفترة المقبلة، حسبما كشف مشروع الموازنة العامة، وذلك في إطار الاتفاق مع صندوق النقد الدولي والحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار على مدار ثلاثة أعوام.

التسول والتعويم!

المتسولون اليوم يقرعون باب سيارتك ويطلون عليك من نوافذها المفتوحة، شابة يافعة، وامرأة منتقبة تغطى ملامحها وربما يعبر نقابها عن مخاوفها من افتضاح شخصيتها، أو تحسبها لمقابلة من يعرفها، أو من أقاربها، أو من زوارها فى منزلها بعد انتهاء دوامها الرسمي في الشحاتة.

ومن بين شلة المتسولين أيضًا الأولاد الصغار، فتجد صغيرًا متسخًا أو ممزق الملابس يرمق كوب قهوتك أو ساندويتشك، ويقول لك بصوت يوجعك وبنظرة تنفذ كالسهم في قلبك: أنا جعان.. ادينى ربع جنيه.

هذا قبل التعويم، فيبدو أن المتسولين وطالبي الحسنة تأثروا كذلك بتعويم الجنيه ورفع سعر صرف الدولار، فلم يعودوا يطلبون مبالغ محددة من فئة الربع أو حتى الجنيه، بل ربما يطلبون مساعدة مفتوحة، فإذا لم تكن وافية وملائمة وتتماشى مع وضعهم كمتسولين فإنهم يرفضونها ويعيدونها إليك!.

وكشفت دراسة نُشرت مؤخرًا، عن مركز المصريين للدراسات الاجتماعية، عن أن البلاد بها 50 ألف متسول، موضحة أن 50% منهم من الأطفال، وبلغت نسبة الأطفال المتسولين في الشوارع والمصابين بعاهات مستديمة 18.4%، وأرجعت الدراسة 51.9% من أسباب التسول إلى الحاجة إلى المال، و29% بسبب الجوع، و21.2% بسبب البطالة.

وذكرت الدراسة أن هناك عصابات إجرامية متورطة في خطف الأطفال من المساجد والمولات؛ لاستخدامهم في التسول، كما تمارس بعض العصابات الإجرامية ضغوطًا على الأهالي والأسر الفقيرة لإقناعهم بتأجير أبنائهم ليعملوا كمتسولين مقابل أجر.

ونوهت الدراسة إلى أنه بسبب التفكك الأسري وتدني مستوى المعيشة وتسرب التلاميذ من الدراسة، يضطر الأهالي للدفع بأبنائهم إلى التسول، وأشارت الدراسة إلى أن شوارع القاهرة تحتل المركز الأول في أعداد المتسولين، تليها محافظة الإسكندرية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟

ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …