‫الرئيسية‬ مقالات عاصفة فساد “بن سلمان”
مقالات - نوفمبر 6, 2017

عاصفة فساد “بن سلمان”

عندما يطالب الجميع بمكافحة وإسقاط الفساد، هذا شيء جيد، لكن عندما يطالب بمحاربة الفساد المفسدون أنفسهم من خلال تأسيس مؤسسات لمحاربة الفساد وإسقاط رموزه، كما فعل القذافى قبل هلاكه، فقد ظل ينعق قبل سقوطه بيوم واحد فقط وهو يردد أنه سيسقط الفساد، وسيقضى على الجرذان، ويدعو سكان 

طرابلس لطرد الفاسدين.

حتى قالوا إن الحسن البصري -رضى الله عنه- كان يمشي في شوارع البصرة فرأى لصا يمسكوه جنود الأمير ليقطعوا يده، فضحك الحسن.. قالوا: عجبا يا إمام ماذا يضحكك؟! قال: سارق السر يحد سارق العلن؟!

فما رأيناه من زلزال قبل يومين بمملكة آل سعود من اعتقالات لأمراء ورجال أعمال، ووزراء سابقين وحاليين بزعم محاربة الفساد على يد أحد الفاسدين المفسدين.. أمرٌ يثير السخرية!!

فقد أصدر الملك سلمان أوامر ملكية بتأسيس لجنة عليا لمكافحة الفساد، برئاسة ولي العهد محمد بن سلمان، وبرر إنشاء هذه اللجنة بقوله: إن ما لاحظناه ولمسناه من استغلال من قبل بعض ضعاف النفوس، الذين غلبوا مصالحهم الخاصة على المصلحة العامة، واعتدوا على المال العام دون وازع من دين
أو ضمير أو أخلاق أو وطنية، هؤلاء استغلوا نفوذهم والسلطة التي اؤتمنوا عليها في التطاول على المال العام وإساءة استخدامه واختلاسه، متخذين طرائق شتى لإخفاء أعمالهم المشينة، ما حال دون إطلاع ولاة الأمر على حقيقة هذه الجرائم والأفعال المشينة.

وبيّن أن سلطة هذه اللجنة التحقيق وإصدار أوامر القبض والمنع من السفر وكشف الحسابات والمحافظ وتجميدها وتتبع الأموال والأصول ومنع نقلها أو تحويلها من قبل الأشخاص والكيانات أياً كانت صفتها، ولها الحق في اتخاذ أي إجراءات احترازية تراها حتى تتم إحالتها إلى جهات التحقيق أو الجهات القضائية
حسب الأحوال، وتم تكليف اللجنة باتخاذ ما يلزم مع المتورطين في قضايا الفساد العام واتخاذ ما تراه بحق الأشخاص والكيانات والأموال والأصول الثابتة والمنقولة في الداخل والخارج وإعادة الأموال للخزينة العامة للدولة وتسجيل الممتلكات والأصول باسم عقارات الدولة، ولها تقرير ما تراه محققاً للمصلحة العامة خاصة مع الذين أبدوا تجاوبهم معها.

فاعتقلت بعد ساعات من تشكيلها وزير الحرس الوطني السابق متعب بن عبدالعزيز، والأمير تركي بن ناصر بن عبدالعزيز آل سعود، ورجل الأعمال الوليد بن طلال آل سعود ومالك مجموعة قنوات (إم بي سي)، وخال الأمير المعتقل عبدالعزيز بن فهد الشيخ الوليد بن إبراهيم، وخالد التويجري، إضافة إلى أمير
الرياض السابق تركي بن عبدالله، وخالد الملحم ورجل الأعمال بكر بن لادن، ورجل الأعمال صالح كامل واثنين من أبنائه، ووزير الاقتصاد السابق عادل فقيه، ورجل الأعمال عمرو الدباغ، رجلي أعمال بارزين إلى قائمة الموقوفين من قبل السلطات السعودية بتهم متعلقة بالفساد، حيث أشارت وسائل إعلام سعودية،
إلى اعتقال كل من رجل الأعمال منصور البلوي وناصر الطيار.

ويرأس البلوي مجموعة من الشركات بعد أن ترأس لسنوات رئيس نادي الاتحاد السعودي لكرة القدم، بينما يعرف الطيار بأنه مؤسس شركة “مجموعة الطيار للسفر القابضة”، ويملك مجموعة من الشركات الأخرى ويترأس “دار النشر العربي”، وهي الناشر الحصري لمجلة “فوربس الشرق الأوسط”.

ولكن السبب الحقيقى وراء هذه العاصفة التى يقودها محمد بن سلمان رغبة منه في التخلص من كل المعارضين لتمهيد الطريق أمام تعيينه ملكا للبلاد، خاصة الأمير متعب بن عبدالله وهو الرجل القوي في الدولة بعد إزاحة الأمير محمد بن نايف، والسعى للاستيلاء على أموال الموقفين والتى قد تصل إلى أكثر
من تيرليونى ريـال، يرسل منها جزءا يسيراً لخزينة الدولة ويستولى على الباقى.. على طريقة قائد الانقلاب!!

فالتويجرى ومتعب بن عبدالله والوليد بن طلال من دعموا الانقلاب على الرئيس المنتخب، فأذاقهم الله ذل
الخيانة، فقد اعترف الوليد بن طلال قائلا: أوصلنا السيسي الى السلطة من أجل القضاء على الإخوان، وها ههم اليوم يُقبض عليهم والتحقيق معهم بتهم الفساد والرشاوى والتربح وغسيل الأموال!!

كما أن هيئة كبار العلماء، التى حرمت قبل أيام الخوض في أمور الأمراء، واليوم تؤيد وتبارك اعتقال الأمراء، فتاوى تحت الطلب، وحسب ما يريد الحاكم، فقد قالت الهيئة فى بيان لها: إن محاربة الفساد تأمر به الشريعة الإسلامية، وتقضي به المصلحة الوطنية، ومحاربته لا تقل أهمية عن محاربة الإرهاب!!

وبعد إزاحة الأمير متعب بن عبدالله، يكون بن سلمان سيطرعلى الحرس الوطني، ليمتد نفوذه إلى كل مؤسسات الدولة السياسية والعسكرية والأمنية الاقتصادية والدينية، فهو يرأس المؤسسة العسكرية كوزير للدفاع ومجلس الشؤون السياسية والأمنية ومجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، كما يمتلك مجموعة
استثمارية ضخمة، تسعى للسيطرة على شرايين الاقتصاد بالضغط على منافسيها عبر ملفات فساد!!

وكان ابن سلمان صرح بأنه سيجعل بيل غيتس قزماً أمام قدراته المالية، لكن شتان بين من جمع ثروته بكده وتعبه وعرقه وبين من يسطو على أموال الدولة وأموال الأمراء ورجال الأعمال والوزراء ليكون إمبراطورية مالية تحت شعار محاربة الفساد، ويخدع الشعب بفناكيش الترفيه والسياحة والتكنولوجيا.. ونيوم
وغيرها من الفناكيش!!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟

ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …