سعيد صالح.. فنان إنسان وموهبة حرمها العسكر من لقب الزعيم!
في مثل هذا اليوم توفي الفنان سعيد صالح، في أغسطس 2014، هذا الفنان المصري الذي قاد ثورته الخاصة على المسرح والتلفزيون، فترك أثراً عميقاً في الذاكرة الفنية العربية، استطاع أن يصيب بتعابيره الكوميدية مواضع ألم الشعب المصري دون تلوّن أو نفاق للعسكر .
عاشرَ سعيد، المولود في 31 يوليو 1938، 3 أنظمة مختلفة، تغيَّرت فيها الأسماء والصفات وبقي الانقسام بشأن قيادتها السياسية بين قبضة من حديد أو سوط على أجساد المعارضين: عبد الناصر، السادات، مبارك.
شهد سعيد الثورة بمعناها السياسي، والتي ظل يدعو إليها في مسرحياته دون تلون، أو نفاق أو وقوع في ادعاءات كاذبة، ولولا مواقفه الرافضة للظلم والقهر والقمع لحمل لقب “الزعيم”، ولكن اللقب ذهب لمن يجيد التطبيل بقوة.
خروج وارتجال
يقول عنه الكاتب الساخر محمود السعدني، “سعيد صالح من شلة العيال وهو أخفهم دما بل هو أخف دم مضحك على الإطلاق وهو قادر على إضحاك الطوب بحركة، أو بلفتة، أو بإشارة من إصبعه الصغيرة ثم لأنه نجا بمعجزة من عملية حشو الرأس بشعارات المثقفين ودعاوي الأدعياء فهو ابن الطبيعة”.
وقال الناقد الفني عصام زكريا، إن بعض النجوم تتمكن من أداء أدوار تتجاوز حجم موهبتهم، على العكس سعيد صالح فموهبته الحقيقية أكبر بكثيرمن الأدوار التي أتيحت له، والتي لم تسمح بخروج الطاقة الفنية الحبيسة في هذا الشخص.
خروج سعيد صالح عن النص وارتجاله تسبب له في متاعب كثيرة أوصلته للسجن، وصرح أكثر من مرة بأنه غير منزعج بسبب تلك التهمة أو حتى دخوله السجن وأنه لم يكن هناك أي أدلة تُثبت إدانته وأنه تعرض للظلم وخرج بعدها في الاستئناف لمدة 18 يومًا.
ولكن الفترة الأكبر التي تعرض فيها سعيد صالح للحبس عندما خرج عن النص في مسرحية “لعبة اسمها الفلوس” عام 1983، عندما أضاف جملة كوميدية خاصة به قائلاً: “أمي اتجوزت 3 مرات.. الأول وكلنا المش، والتاني علمنا الغش، والتالت لا بيهش ولا بينش”.
النظام وقتها اعتبر الجملة سخرية من الرؤساء المصريين الثلاثة، الراحل جمال عبدالناصر والراحل محمد أنور السادات، والمخلوع محمد حسني مبارك الذي كان رئيسًا وقتها، وتعرض للحبس لمدة 6 أشهر.
وفي عام 1985 أي بعد خروجه من السجن ومرور عامين على المسرحية التي تسببت في حبسه، قدم صالح مسرحية “كعبلون” التي استخدمها صالح للاعتراض على سجنة والسخرية عن طريق الارتجال.
ابن الثورة
وتحدث صالح عن حبسه في مشهدين داخل المسرحية الكوميدية، قال في الأول إنه مستعد لدخول السجن مرة أخرى مقابل تقبيل الممثلة وأنه دخل قبل ذلك في جملة، وفي مشهد آخر تحدث معه شخص من الجمهور ليرد عليه صالح قائلا: “مهو أنت هتتكلم وأنا هرد عليك وأخرج عن النص واتحبس تاني”، وقدم وقتها خلال العرض أغنية “الممنوعات” كلمات أحمد فؤاد نجم وألحان وغناء الشيخ إمام.
فأغلب أعمال سعيد صالح على المسرح كانت سياسية، حتى وإن تخلَّلتها الكوميديا، لكنَّ سعيد نفسه لم يتغير وظلّ يدافع عمَّا يؤمن به، حتى لو ظن الغير أن لا فائدة من هذا الإيمان، وأنه يتوجب عليك السير مع التيار لا عكسه.
سعيد كان يسبح عكس التيار، ضد الظلم والقهر والاعتقال والفقر، في أثناء عرض المسرحية، وقف سعيد صالح أمام عدد من التلاميذ يغني لهم أشعار أحمد فؤاد نجم على ألحانه شخصياً، فغنى «لما القلب يبقى صادق وابن ثورة»!
جِراح القلب داخل سعيد كانت كثيرة، لكنه كان يعمل على شفائها بالوقوف على خشبة المسرح. وبالغناء والتلحين عبّر عن رأيه وما يؤمن به رغم معارضة البعض، حتى وإن كان في ثوبٍ دراميٍّ كوميديّ، لم يهتم، الأهم أن سعيد دائماً كان جامحاً في حياته وفنه.
5 يونيو.. وما زال أحمد سعيد يحدثنا في إعلام العسكر
في مثل هذه الأيام منذ 53 عامًا كانت هزيمة نكراء وجهتها تل أبيب خلال 6 أيام لجيوش 3 دول عرب…