“رؤية الإخوان لأهمية سيناء وسبل تنميتها”.. تتناولها دارسة حديثة
رصد المركز المصري للإعلام في ورقة بحثية حديثة أبعاد رؤية جماعة الإخوان المسلمين لأهمية شبه جزيرة سيناء الاستراتيجية والاقتصادية وسبل تنميتها منذ حكم الملك فاروق الأول حتى اليوم.
ووفقا للورقة البحثية فقد “فهم الإخوان مبكرا الأهمية الاستراتيجية الكبرى لمنطقة سيناء، وأنها تُمثل خط الدفاع الأول لمصر من جهة الشرق، لأن سيناء كانت هي المعبر الذي عبرت منه معظم الغزوات التي استهدفت مصر قديما وحديثا. وقد تناولت كتابات الإخوان أهمية سيناء، منذ مؤسس الجماعة الإمام حسن البنا، وحتى اليوم”.
الاهتمام المبكر بسيناء
المحطة الأولى، في الورقة البحثية حول سيناء تتناول مرحلة تأسيس الجماعة على يد الإمام الشهيد حسن البنا؛ حيث «تعّرف أهل سيناء على فكر ومنهج الإخوان، وأصبح لهم شُعبة في العريش قبل عام 1937، وكان نائبها في ذلك التوقيت الشيخ رضوان محمد، وكانت سيناء تابعة للمنطقة الثالثة عشر للإخوان مع القنال (إقليم قناة السويس الذي يضم الإسماعيلية، بورسعيد، السويس، شمال سيناء، جنوب سيناء)». وبحسب الورقة البحثية فقد «نظر الإمام البنا والإخوان إلى سيناء وتعميرها كخطوة أساسية ومهمة في حفظ الأمن القومي لمصر، وقد سبق كل من تحدث عن الأمن القومي للبلاد، فكتب يحذر الحكومة من تجاهل سيناء وعدم الاهتمام بها». وبحسب الورقة البحثية فإن الإخوان تنبهت للأخطار الاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية التي تهدد العالم العربي والإسلامي من جراء المشروع الصهيوني، وقد ركّز الإخوان على الخطر الاقتصادي على الشرق الأوسط نتيجة صغر مساحة فلسطين، ما سيدفع كبار الممولين اليهود المهاجرين إلى فلسطين إلى محاولة استثمار أموالهم في البلاد العربية المجاورة، وتصريف منتجاتهم في دول الشرق الأوسط، ما سيؤدي إلى خراب اقتصاد واضطراب مالي”.
المحطة الثانية، “حرب فلسطين”
بحسب الورقة البحثية فقد «قام الإخوان بدور كبير في حرب فلسطين، حيث كانت العريش وسيناء ورفح وغزة قواعد إمداد للمجاهدين، كما أنها أصبحت قاعدة للجيش المصري قبل انتهاء الحرب. غير أن علاقة الإخوان بسيناء وغزة وفلسطين لم تكن وليدة هذه الأيام، بل ترجع لعام 1936، حينما اندلعت الثورة القسامية، فساندها الإخوان ماديا ومعنويا، حيث جمعوا التبرعات، ووجهوا النداءات، وطالبوا المجتمع بمقاطعة كل المنتجات الصهيونية والإنجليزية، وقد كانت الشُعَب القريبة من الحدود الفلسطينية هي المعنية بذلك، وقد حرصت جريدة الإخوان الأسبوعية على نشر هذه المقاطعة بين الناس ليقتدوا بها”.
مرحلة ما بعد 23 يوليو
أما المحطة الثالثة فتتعلق بمرحلة ما بعد 23 يوليو 1952م، وانفراد الطاغية جمال عبدالناصر بالحكم؛ حيث “ظلت الدعوة مُغيّبة -خاصة في سيناء- حتى مات عبد الناصر، وخرج الصهاينة من سيناء بعد حرب 1973، إلا أنها ظلت ضعيفة حتى تولى مبارك، حيث تحركت حركة الإخوان مع حركة شباب الإخوان الذين انضموا لهذه الدعوة أثناء دراستهم بالجامعات المصرية، خاصة جامعة القاهرة، حيث تواجد الأستاذ عبدالرحمن الشوربجي بكلية التجارة، وتعّرف على الإخوان، وكان عضوا باتحاد كلية التجارة عام 1978، كما أنه عمل على إدخال الدعوة مرة أخرى إلى سيناء عام 1977، ومنذ هذه اللحظة والدعوة في انتشار وسط أبناء هذه المحافظة التي تتميز بالقبلية”.
سيناء ونواب الإخوان بالبرلمان
المحطة الرابعة تتعلق باهتمام نواب الجماعة في مجلس الشعب بقضية سيناء؛ وبحسب الورقة البحثية فإن نواب الإخوان أولوا عناية خاصة بسيناء حتى تقدم أحد نواب الإخوان باستجواب ناقشه مجلس الشعب في 1/ 3/ 2005، حيث طالب النائب بمشروع قومي تتبناه الحكومة مع الشعب لتعمير سيناء والصحراء لحل مشكلة البطالة، وحل مشكلة التكدس السكاني في الشريط الضيق، وسد جزء من الفجوة الغذائية، وزعوا الأراضي على الشباب، وانقلوا مراكز الشباب للصحاري وعمروها، وحلوا مشكلة مصر أو ارحلوا عنها، فمصر رغم إمكاناتها تستورد غذاءها”. ونوهت الورقة البحثية إلى أن “الإخوان بسيناء شاركوا في الحياة السياسية عبر دخولهم انتخابات مجلس الشعب، كما أنه لم يقتصر الأمر على ذلك، فقد كانوا يشاركون الأهالي مصابهم، سواء وقت السيول التي كانت تضرب دروب ومدن المحافظة أو غيرها من مجال التعاون الاجتماعي والخدمي”.
إخوان سيناء وثورة يناير
المحطة الخامسة تتعلق بمرحلة ثورة يناير وما تلاها من حريات، ويؤكد المركز المصري للإعلام في ورقته البحثية أن “إخوان سيناء شاركوا في ثورة 25 يناير، حيث كانوا في قلب الحدث مع كثير من أبناء سيناء أثناء هذه الثورة، وقد أخرجوا بيانا بعد نجاح الثورة، أكدوا فيه على حرمة الدماء والأموال والأعراض، وطالبوا بإصدار عفو عام عن جميع المعتقلين من أبناء سيناء، ودعوا للمحافظة على مكاسب الثورة والعلم”.
وتشير الورقة البحثية إلى نقطة مفصلية بأن الإخوان ظلوا على منهجهم، حيث كان انتشارهم كبيرا في مدينة العريش وبئر العبد، إلا أن انتشارهم كان ضعيفا في رفح والشيخ زويد لانتشار القبلية هناك، غير أن تأثير الإخوان كان كبيرا في صناعة الحدث، حتى وقت انتخابات الرئاسة عام 2012، حيث استطاع محمد مرسي أن يحصل في محافظة شمال سيناء على 67216 صوتا، مقابل 43253 صوتا لأحمد شفيق، ويدل الرقم على مدى تأثير الإخوان في المجتمع السيناوي”.
الرئيس مرسي وتنمية سيناء
وناقشت المحطة السادسة سيناء في عهد الرئيس محمد مرسي، حيث أشارت الورقة البحثية إلى أن “جماعة الإخوان حذّرت من أن إهمال تنمية سيناء سيكون له عواقب وخيمة، في ظل الأطماع الصهيونية، التي يراودها حلم الدولة الصهيونية الكبرى من النيل إلى الفرات”، وأكدت أن “سيناء عانت من التهميش، سواء في ظل النظام الملكي، أو في ظل حكم العسكر، بعد انقلاب تموز/ يوليو 1952″، مضيفا: “بعدما تولى العسكر حكم مصر فرطوا في سيناء، وانتهى الأمر باحتلالها خلال نكسة 1967”.
ولفتت الورقة البحثية إلى أن “الرئيس الراحل محمد مرسي اهتم منذ البداية بتعمير وتنمية سيناء، ورآها كنزا مهملا، وتطلع لتنفيذ مشروع عاجل لتعميرها وتنميتها، ورصد 4.6 مليار جنيه كبداية، يتم إنفاقها خلال ستة أشهر فقط، بما يعكس رغبة حقيقية، وخطوات جادة لم يشهدها تاريخ شبه الجزيرة. كما أن مشروع تنمية محور قناة السويس الواعد، كان نصيب سيناء منه كبيرا، بحكم أن نصفه الشرقي يقع داخل شبه الجزيرة”.
وذكر المركز المصري للإعلام أن “مرسي أصر على تنفيذ المشروع، رغم كل محاولات قيادات الجيش آنذاك تعطيله بشتى الطرق والحيل، ومنها التعلل بالأمن القومي المصري”. وقالت الورقة البحثية: “كانت مشروعات تنمية سيناء، وكذا مشروع تنمية قناة السويس من النقاط التي شهدت خلافات حادة بين الحكومة وجهاز تنمية وتعمير سيناء الذي شكله الرئيس مرسي من جهة، وبين قيادات الجيش والمجلس الأعلى للقوات المسلحة من جهة أخرى”.
انقلاب 3 يوليو وصفقة القرن
أما المحطة السابعة، فتناقش موقف الجماعة في سيناء في مرحلة ما بعد انقلاب 3 يوليو 2013م، حيث استدرك المركز المصري للإعلام بقوله: “غير أن الانقلاب العسكري في 3 تموز/ يوليو 2013 حوّل سيناء لساحة حرب، قضت على الأخضر واليابس، وزجّت بالعديد من الإخوان وأهالي سيناء في السجون، بل الهروب خارج الأوطان أو كان مصير البعض القتل”.
ويوضح المركز المصري للإعلام أن “الإخوان رفضوا توطين أحد غير المواطن المصري في سيناء، حتى أنهم تقدموا بمشروع لتنمية سيناء، من خلال دمج سيناء في البناء الاقتصادي والاجتماعي لبقية أقاليم مصر، ضمن خريطة استثمارية متكاملة (زراعية وصناعية وتعدينية وسياحية وعمرانية وأمنية)”.
وقال المركز المصري للإعلام: “العجيب أن موضوع توطين سيناء لم يثار في العهد الملكي، لكن ما أن تولى العسكر زمام الأمور بعد ثورة 23 تموز/ يوليو حتى قبلوا التفاوض على المقترح المقدم عام 1953 لتوطين بعض لاجئي قطاع غزة في سيناء، حيث تضمن المشروع المقدم من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين توطين حوالي 12 ألف أسرة على أراض يجري تحويلها إلى أراضي زراعية في شمال غرب سيناء، دون أن يتعارض هذا الأمر بالضرورة مع حق العودة، كما يشتمل المشروع على إمكانيات التوسع في المستقبل”.
وأكد أن “صفقة القرن، التي يسارع نظام العسكر بقيادة السيسي لإنهاء وتصفية القضية الفلسطينية عبر التخلي عن الحقوق الفلسطينية التاريخية بها، كشفها الإخوان، وقال المرشد العام للجماعة محمد بديع، في إحدى جلسات محاكماته، إن حبس الإخوان وقتلهم في السجون وإبعادهم عن المشهد، إنما هو من أجل صفقة القرن التي أعلن السيسي رضاه بها في لقاء جمعه بترامب في واشنطن”.
وتابع: “من الواضح أن ما يحدث في سيناء من تهجير الأهالي على يد العسكر، ونشر الإرهاب فيها، وتدمير المنازل، وقتل الأبرياء، ما هو إلا تفريط في هذا الوطن لصالح الصهاينة، وهو الذي رفضه الإخوان، كما رفضه الفلسطينيون، إلا أن عسكر مصر وحكام العرب يعملون بكل جهدهم لتنفيذ ذلك بطريقة تثير التساؤلات: ما الذي يدفع العسكر للتفريط في أرض مصر جزء تلو الآخر دون أن يُقدّموا سببا وجيها لهذا التفريط الغريب والمذابح التي ترتكب في سيناء؟”.
واختتم المركز المصري للإعلام بقوله: “الطريف في الأمر أن الأذرع الإعلامية التي زرعها العسكر، في الإعلام المصري، والشؤون المعنوية للعسكر، كانت تبث الشائعات عن أن مرسي باع القناة لقطر، وسيناء للفلسطينيين، وظل الإعلام يبث هذه الشائعات تمهيدا للانقلاب على الرئيس مرسي والشرعية”.
التفاوض مع إثيوبيا.. إيمان بالحل الدبلوماسي أم عجز عن الحل العسكري؟
تصريحات رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي، أمس، حول الالتزام بالحل الدبلوماسي للأزمة مع إثيو…