دراسة تستعرض تاريخ الطوارئ الممتد بمصر
استعرضت دراسة حديثة نشرها موقع “الشارع السياسي”، تاريخ فرض أحكام الطوارئ بمصر، وكانت الدراسة بعنوان “الطوارئ في مصر بين التعديلات الجديدة والتمديدات المتوالية”.
واستهلت الدراسة بتوصيف الحالة الراهنة بصر، واستغلال السيسي ونظامه أزمة جائحة كورونا في التمديد للطوارئ الذي توافق مع مجموعة من التعديلات الكارثية لقانون الطوارئ سيئ السمعة.
وقالت الدراسة، تستخدم حكومة السيسي جائحة كورونا لتوسيع قانون الطوارئ المصري المسيء، وليس إصلاحه. يجب على السلطات المصرية التعامل مع مخاوف الصحة العامة دون إضافة أدوات قمع جديدة أظهر السيسي نفسه أنه على استعداد تام لاستخدامها”.
وهي نفس الكلمات التي وصف بها كينيث روث، المدير التنفيذي لمنظمة هيومن رايتس وواتش، على تويتر، تعديلات قانون الطوارئ التي صدق عليها عبد الفتاح السيسي مؤخرا.
حيث صدَّق السيسي، الجمعة 8 مايو 2020، على التعديلات الجديدة التي أُدخِلَت على قانون الطوارئ، فيما نشرت الجريدة الرسمية ، الأحد 10 مايو، التعديلات التي مررها البرلمان في 21 من أبريل الماضي.
ويجدد نظام السيسي حالة الطوارئ في عموم البلاد منذ أبريل 2017م إثر تفجيرات استهدفت كنيستين شمالي مصر، وأسفرت عن سقوط عشرات القتلى. وتم تجديد حالة الطوارئ للمرة الـ12 في الثامن والعشرين من أبريل الماضي، بدعوى مواجهة الإرهاب، ولأول مرة يضاف إليها سبب الظروف الصحية.

الضبطية القضائية
وبخلاف تعديلات الطوارئ، شهدت مصر في السنوات الأخيرة تزايدًا غير مسبوق في حالات منح “الضبطية القضائية” لموظفين إداريين في الدولة، بينهم مفتشو الأوقاف والأئمة، ومحصلو فواتير المياه والكهرباء، ومسئولون نقابيون.
كما سبق أن نشرت الجريدة الرسمية، في أبريل 2017، قرارًا وزاريا بمنح عدد من الضباط العاملين في الجيش صلاحيات مأموري الضبط القضائي في الطرق العامة التي يسيطر على أغلبها الجيش وشركاته الاستثمارية. وفي صيف 2012 أوقفت محكمة مصرية قرارًا استمر لأيام يمنح سلطة “الضبطية القضائية” لضباط المخابرات الحربية والشرطة العسكرية، بما يخولهم حق توقيف المدنيين.

أبرز التعديلات
وقالت الدراسة، إن التعديلات التي أدخلت على قانون الطوارئ سيئ السمعة تشمل “تولي قوات الأمن أو الجيش تنفيذ أوامر رئيس البلاد أو من يقوم مقامه، ويكون لها صفة الضبطية القضائية، على أن يحق للنيابة العسكرية التحقيق المبدئي فقط في أية مخالفات، شريطة أن تختص النيابة العامة بالتصرف النهائي في التحقيق”.
وتتضمن أيضا تعطيل الدراسة أو العمل أو تأجيل سداد رسوم خدمات الكهرباء والغاز والمياه جزئيًا أو كليًا، أو تقسيط مستحقات للدولة، وتقييد الاجتماعات العامة وجواز تقييد الاجتماعات الخاصة، وإلزام القادمين من الخارج بالخضوع لإجراءات الحجر الصحي.
كما تشمل حظر تصدير بعض السلع والمنتجات إلى خارج البلاد، وتقرير مساعدات مالية أو عينية للأفراد والأسر، وتحديد القواعد الخاصة بالصرف منها، فضلا عن إجراءات صحية ورقابية على أعمال المختبرات العلمية والبحثية.
وتتضمن أيضا تقرير دعم مالي أو عيني للقطاعات الاقتصادية المتضررة، وتخصيص مقار مملوكة للدولة لتجهيزها كمستشفيات ميدانية مؤقتة.

انعكاسات سلبية
وناقشت الدراسة تداعيات إقرار تعديلات الطوارئ ومنها، أنها تمثل شرعنة القضاء العسكري وإطلاقه نحو المدنيين بصورة كبيرة.
إذ إن من أبرز البنود التي جرى إضافتها ضمن التعديل الجديد للقانون، تمكين النيابة العسكرية بمعاونة النيابة العامة في التحقيق في الوقائع والجرائم التي يتم ضبطها بمعرفة القوات المسلحة، على أن يقتصر التصرف النهائي في التحقيقات على النيابة العامة.
وفيما اعتبر إشارة على توسيع صلاحيات القضاء العسكري في محاكمة المدنيين، تقرر تعديل تشكيل المحكمة الوارد بالفقرة الرابعة من المادة (7) من القانون، لتضم في تشكيلها بعض القضاة من القضاء العسكري.
وأيضا من أخطر تداعيات التعديلات الأخيرة أنها بمثابة توريط أكثر للجيش، إذ شملت التعديلات الجديدة على القانون 18 تعديلا تمثل توريطا للجيش في الشأن المدني لربط مصيره بمصير السيسي الذي ورط الجيش في كثير من جرائمه وانتهاكاته؛ بهدف ضمان انحياز المؤسسة العسكرية له في حال اندلعت ثورة شعبية، خصوصا وأن السيسي يتجه إلى فرض حزم إضافية من الإجراءات التقشفية لمواجهة إفلاس الدولة؛ جراء تفشي وباء كورونا وتراجع موارد الدولة من السياحة وقناة السويس والتصدير وتحويلات المصريين بالخارج، وهو ما أعلن عنه الأحد الماضي وزير المالية، بأنها قد تشمل تقليص الدعم التمويني وتخفيف دعم الخبز.
إفلات العسكر من العقاب
وبحسب الدراسة، يحظى القانون 162 لعام 1958، المعروف بـ”قانون الطوارئ”، بسمعة سيئة، كونه يمنح السلطة التنفيذية، صلاحيات واسعة، منها وضع قيود على حرية الاجتماع والتنقل، ومراقبة الصحف، وفرض الحراسة، وإخلاء بعض المناطق أو عزلها. وعلى مدار عقود، جرى استغلال القانون من قبل النظام المصري الحاكم، في تمرير القمع، والتوسع في حملات الاعتقال العشوائية، والإخفاء القسري، وجرائم التعذيب، والتصفية خارج إطار القانون.
كذلك يجري بشكل ممنهج توظيف حالة الطوارئ في تكميم الأفواه، وحجب الصحف، ومنع التظاهرات والاحتجاجات السلمية، وتجميد الأحزاب السياسية، وملاحقة منظمات المجتمع المدني، ومصادرة أموال المعارضين، ووضعهم على قوائم الإرهاب. وبموجب الصلاحيات الواسعة الممنوحة لأجهزة الأمن، وفق القانون، زادت انتهاكات حقوق الإنسان، فضلا عن تفشي ظاهرة الإفلات من العقاب بين ممثلي الأجهزة الأمنية، وفق منظمات حقوقية محلية ودولية.
عسكرة الدولة
وأتاحت التعديلات الجديدة في قانون الطوارئ “تولي قوات الأمن أو القوات المسلحة تنفيذ أوامر رئيس الجمهورية أو من يقوم مقامه، فإذا تولت القوات المسلحة هذا التنفيذ يكون لضباطها ولضباط الصف بها اختصاصات مأموري الضبط القضائي”، بينما تختص النيابة العسكرية بالتحقيق في الوقائع والجرائم التي يتم ضبطها بمعرفة القوات المسلحة خلال فترة الطوارئ.
وهو ما يعني فرض مزيد من العسكرة على المجتمع المصري، إذ إن نظام السيسي لم يعد يكتفي بأن تكون الإدارة العليا للعسكريين، لكنه يسعى بشكل متواصل لصبغ كل نواحي الحياة بالصبغة العسكرية، وفرض هيمنة العسكر على المجتمع بشكل كامل، تطبيقا لقناعة راسخة في أذهان الجنرالات وهي أن مصر وجدت ليحكموها لا ليحكمها مدنيون.
كما توفر التعديلات أجواءً مناسبة للتوسع في القمع المجتمعي، من خلال منح التعديلات السيسي والقوات المسلحة سلطات إضافية لاحتجاز المشتبه بهم ومصادرة الممتلكات دون مراجعة قضائية، بدعوى محاربة جائحة فيروس كورونا.
فعلى الرغم من أن المحاكم العسكرية في مصر أنشئت خصيصًا لمحاكمة العسكريين، لكن السلطات المتعاقبة توسعت في استخدامها لتطال المدنيين من أجل المزيد من القمع، خصوصًا في فترات تطبيق قانون الطوارئ.
ومنذ أصدر السيسي قانون الإرهاب أواخر 2014 بحسب الباحث الحقوقي أحمد العطار، زاد توحش السلطات واستخدمته على نطاق واسع لفرض مزيد من سياسة الأمر الواقع وترهيب المعارضين، بل أصبح المواطن المصري غير المسيس في دائرة استهداف المحاكمات العسكرية.
وجرى محاكمة أكثر من 15 ألف مدني أمام القضاء العسكري المعروف بقسوته وعدم مناسبته وملاءمته للمحاكمات الطبيعية، مما أدى إلى إصدار مئات الأحكام بالإعدام، تم تنفيذ العشرات منها في كارثة حقوقية لاقت إدانات أممية وحقوقية.
فيما من المؤكد أن تشهد الفترة المقبلة فرض مزيد من الإجراءات الاستثنائية- على غرار الضبطية القضائية- التي أدت إلى تكريس وتغول الحياة العسكرية على المدنيين.
والغريب أن تعديلات السيسي تأتي في ظل وجود مواد القانون المدني المصري غير الدستورية هي الأخرى.
التوسع في الجباية تحت شعار جمع التبرعات
اللافت أن البنود الجديدة التي جرى تضمينها في قانون الطوارئ، أعطت السلطات غطاء قانونيا لجمع التبرعات المالية والعينية لمواجهة الحالة الطارئة، بل وتحديد طريقة ذلك، وهو ما يتيح للدولة اقتطاع جزء من رواتب الموظفين، أو فرض رسوم على مدخرات المصريين، بدعوى مواجهة “كوورنا”.
ومن الخطير أن التعديلات الجديدة لم يتم حصرها على مواجهة أزمة “كورونا”، بل تركت الباب مفتوحا أمام أزمات أخرى، حيث لم تقدم تعريفا واضحا لمصطلح “الحالة الطارئة” الوارد في نص التعديلات.
وتتيح البنود الجديدة للنظام الحاكم “وضع قواعد تخصيص هذه التبرعات والإنفاق منها، وكذلك تقرير مساعدات مالية أو عينية للأفراد والأسر، وتحديد القواعد الخاصة بالصرف منها، وتقرير الدعم اللازم للبحوث العلاجية، واتخاذ التدابير اللازمة للحفاظ على منظومة الرعاية الصحية واستمراريتها”.
إدانات حقوقية
وكانت منظمة هيومن رايتس ووتش قد نددت بمصادقة السيسي على “توسيع صلاحياته ضمن قانون الطوارئ، في إطار تدابير مكافحة تفشي وباء كورونا”، واصفة هذه التعديلات بأنها “ذريعة” لإنشاء “سلطات قمعية جديدة”. وتطرقت المنظمة في بيان الخميس الماضي، إلى أن التعديلات ستسمح للسيسي- حتى في غياب أي غرض متعلق بالصحة العامة- بأن يقيّد الاجتماعات العامة والمواكب والمظاهرات والاحتفالات وغيرها من أشكال التجمعات، كما يجوز تقييد الاجتماعات الخاصة.
وحذَّرت من أن التعديلات قد تؤدي أيضًا إلى توسيع اختصاصات المحاكم العسكرية لتشمل محاكمة المدنيين، عبر منح النيابة العسكرية سلطة التحقيق في الوقائع التي يكون فيها ضباط الجيش مُكلَّفين بسلطات تنفيذ القانون، أو عندما يأمر الرئيس بذلك. وقالت إن “اللجوء إلى خطاب حفظ الأمن والنظام العام كذريعة، يعكس العقلية الأمنية التي تحكم مصر في عهد السيسي”.
13 تمديدا
وجاء إعلان الطوارئ للمرة الـ12، يوم 28 أبريل الماضي، وتمديدها لثلاثة شهور، على الرغم وجود إعلان سابق لحالة الطوارئ لمواجهة كورونا، ليقنن استمرار الاستثناءات في مصر في ظل حكم العسكر.. فمرة يستخدم الوباء ومرة يستخدم الاٍرهاب ذريعة للعصف بكل الحقوق والحريات، وعلى الرغم من أن الدستور الذي صنعه السيسي بيديه، والذي يمنع تجديد الطوارئ أكثر من مرة، يجدد السيسي إعلان حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد، لمدة ثلاثة أشهر.

وبخلاف التمديد لطوارئ كورونا، جاء التمديد الصادر به قرار في 28 ابريل الماضي، للمرة الثانية عشرة، لقرار إعلان حالة الطوارئ في عموم البلاد، الصادر في أبريل 2017.
وينص قرار تمديد الطوارئ على أن “تتولى القوات المسلحة وهيئة الشرطة اتخاذ ما يلزم لمواجهة أخطار الإرهاب وتمويله، بجانب حفظ الأمن وحماية الممتلكات العامة والخاصة، وحفظ أرواح المواطنين”.
تعديلات قانون الطوارئ
وفي 10 أبريل 2017، وافق البرلمان لأول مرة، على إعلان حالة الطوارئ 3 أشهر لـ”مواجهة أخطار الإرهاب وتمويله”، ردًّا على هجومين استهدفا كنيستين شمالي البلاد، آنذاك، وأوقعا 45 قتيلاً على الأقل، تبناهما تنظيم “الدولة الإسلامية”.
وبموجب حالة الطوارئ، يحق للسلطات مراقبة الصحف ووسائل الاتصال والمصادرة، وتوسيع صلاحيات الجيش والشرطة، والإحالة إلى محاكم استثنائية وإخلاء مناطق وفرض حظر تجوال، وفرض الحراسة القضائية؛ الأمر الذي أثار انتقادات حقوقية، وترد عليه القاهرة بأنها تنفذ القانون وتحترم الدستور ولا تمس الحريات.
وانتهت يوم 27 أبريل الماضي، المدة الدستورية للعمل بقانون الطوارئ في مصر، بعد ثلاث سنوات من سريانه، في الشهر ذاته من عام 2017.
وقبل أيام من انتهاء العمل به، جرى تعديل القانون بشكل موسع، بما يمنح السيسي، صلاحيات جديدة، بدعوى مواجهة أزمة تفشي فيروس “كورونا” المستجد.
ويتيح الدستور المصري، فرض حالة الطوارئ لمدة ثلاثة أشهر، وتجديدها لمدة ثلاثة أشهر أخرى، لتصبح المدة الإجمالية ستة أشهر فقط.
لكن النظام دأب على التحايل على هذا القيد، وترك فاصلا زمنيا بعد كل مدة، قد يكون يوما واحدا أو عدة أيام، قبل أن يعيد فرض حالة الطوارئ من جديد، ليواصل تمديدها 12 مرة على التوالي.
يفرض نظام “السيسي” حالة الطوارئ منذ أكتوبر 2014، لكنها اقتصرت في البداية على محافظة شمال سيناء، مع فرض حظر التجوال في بعض مناطقها.
ويحظى القانون 162 لعام 1958، المعروف بـ”قانون الطوارئ”، بسمعة سيئة، كونه يمنح السلطة التنفيذية، صلاحيات واسعة، منها وضع قيود على حرية الاجتماع والتنقل، ومراقبة الصحف، وفرض الحراسة، وإخلاء بعض المناطق أو عزلها.
وعلى مدار عقود، جرى استغلال القانون من قبل النظام الحاكم، في تمرير القمع، والتوسع في حملات الاعتقال العشوائية، والإخفاء القسري، وجرائم التعذيب، والتصفية خارج إطار القانون.
وعبر التحايل، يسير نظام “السيسي” على نهج حسني مبارك، الذي أطاحت به ثورة يناير 2011، وفرض حالة الطوارئ طوال فترة حكمة التي بلغت ثلاثين عاما.
الاعتداءات الإثيوبية على الجيش السوداني.. سد النهضة في الخلفية!
قال الجيش السوداني، إن اشتباكات وقعت مع قوات إثيوبية نظامية، الخميس، على خلفية محاولة مليش…