بعد عودتها من الخليج.. العمالة المصرية بين نارين: كورونا والسيسي
تواجه العمالة المصرية العائدة من الخليج، بعد تسريحها، جحيم قائد الانقلاب الدموي عبد الفتاح السيسي من جهة، وجحيم كورونا من جهة أخرى، حيث فوجئ العائدون بطوابير البطالة وملايين العاطلين عن العمل، وإغلاق الشركات والمصانع، وتوقف السياحة، ووقف تراخيص البناء، ما يعنى أنهم لن يجدوا لقمة العيش فى ظل أوضاع اقتصادية خانقة وموجات متتالية من ارتفاع الأسعار .
كانت دول الخليج، خاصة السعودية والكويت والإمارات، قد أعلنت عن تسريح أكثر من مليون عامل من العمالة المصرية، وطالبتهم بمغادرة أراضيها، عقب ما شهدته تلك الدول من تدهور اقتصادي خيّم على منطقة الخليج بسبب انتشار فيروس كورونا المستجد وهبوط أسعار البترول.
وكشفت السلطات الكويتية عن أنها أنهت أعمال ربع مليون مقيم، مشيرة إلى أن هناك 500 ألف آخرين توقفت أعمالهم وسيتم ترحيلهم.
فيما أعلنت السلطات السعودية عن خطة لتوطين العمالة “السعودة”، وتشن حملات لترحيل مخالفي نظام الإقامة، رحلت خلالها مئات الآلاف من مصر ودول العالم، كما قررت إنهاء أعمال مئات الآلاف من العمال عقب التدهور الاقتصادي الذى تشهده المملكة بسبب تراجع أسعار البترول وانتشار وباء كورونا.
وخلال العامين الماضيين، اضطر آلاف العاملين إلى مغادرة المملكة بسبب رسوم الإقامة ورسوم المرافقين، حيث بدأت تحصيل 400 ريال شهريًا على العاملين الوافدين بداية من يناير 2018، بدلا من 200 ريال، كما فرضت السعودية مقابلا ماليا على المقيمين المرافقين للعمالة الوافدة في القطاع الخاص بقيمة 100 ريال شهريا، ارتفعت عام 2019 إلى 200 ريال شهريا.
يشار إلى أنَّ الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، كان قد كشف عن زيادة عدد العاطلين عن العمل في مصر خلال شهر أبريل الماضى إلى 2.7 مليون شخص مقابل 2.2 مليون شخص في مارس 2020.
وقال الجهاز، إن معدل البطالة ارتفع إلى 9.2 بالمئة في الفترة من نهاية مارس إلى نهاية أبريل الماضى، بسبب جائحة فيروس كورونا.
وأضاف أن معدل البطالة بلغ 7.7 بالمئة في الربع الأول من العام الحالي، لكن مع اتخاذ حكومة الانقلاب الإجراءات الاحترازية المتعلقة بفيروس كورونا من إغلاق المدارس وتعليق حركة الطيران وغلق المتاجر، ارتفع معدل البطالة إلى 9.2 بالمئة بسبب الجائحة، خلال الفترة من نهاية مارس حتى نهاية أبريل 2020.
شبح البطالة
من جانبه قال القيادي العمالي طارق مرسي: إن الأجواء المحلية والعربية تنذر بعودة تاريخية للعمالة المصرية، في الوقت الذي لا تتحمل فيه البلاد مزيدا من الأيدي العاملة ومزيدا من العاطلين.
وأشار مرسي، فى تصريحات صحفية، إلى أن العمالة المصرية بمختلف فئاتها ستتحمل كامل الأعباء التي فرضها فيروس كورونا والظروف السياسية التي يعيشها الواقع العربي.
وأوضح أنه على المستوى الداخلي تواجه العمالة شبح البطالة الكارثي الذي تعيشه مصر، خاصة مع تراجع مجالات السياحة والاستثمار والمقاولات، فضلا عن المستقبل البائس للقطاع الزراعي مع حالة الفقر المائي التي دخلتها البلاد.
وأضاف مرسى أنه على المستوى الخارجي، فقدت العمالة المصرية مورد رزقها في البلاد، التي استوعبت أعدادًا كثيفة مثل العراق وليبيا، بما تعيشه تلك الدول من أزمات.
وأكد أن مستقبل العمالة في الخليج ليس أفضل حالا بسبب كورونا وتردي أسعار البترول، أو الواقع السياسي غير المستقر الذي يعيشه الخليج، فضلا عن تداعيات المغامرات السياسية غير المسئولة التي يقوم بها نظام السيسي في المنطقة.
واستنكر مرسى طريقة معالجة حكومة الانقلاب أزمة العمالة العالقة في الخليج، منتقدا أسلوب “الانتهازية الرخيصة” الذى لجأت إليه في تعاملها مع أزمة العمالة المصرية بالكويت. متهما حكومة الانقلاب بأنها صنعت العداء لكل ما هو مصري، ليس فقط في الكويت بل في الخليج برمته، متوقعا أن تدفع العمالة ثمن ذلك وهو ما بدأ الآن بالفعل.
السعودة والتسريح
وطالب محمد بهاء الدين، نقيب العاملين بالبناء والتشييد، حكومة الانقلاب بالتدخل لحل أزمة العمالة المهددة بالتسريح من شركات التشييد والبناء في السعودية، وذلك بضرورة إلحاقهم بشركات أخرى فى مجال التشييد، عقب إعلان السلطات السعودية المعنية عن ترحيل عشرات الآلاف من مخالفي نظام الإقامة والعمل.
وأضاف بهاء الدين، فى تصريحات صحفية، أن الحكومة السعودية قررت تفعيل نسبة توطين العمالة السعودية بالوظائف بين 15 إلى 35%، بعد ارتفاع معدلات البطالة للشباب السعودي.
وأشار إلى أن السعودية لا يوجد بها تمثيل عمالي أو اتحادات لحل مثل تلك الأزمات، موضحًا أن تعدد الجنسيات الوافدة للعمل بالسعودية يتطلب ضرورة إنشاء تلك الكيانات خلال الفترة المقبلة.
وقال بهاء الدين: إن النقابة ترصد تأثير تسريح العمالة الأجنبية بالسعودية على العمالة المصرية، موضحا أنه سيتم التواصل مع مسئولى الانقلاب للتخفيف من هذه الأزمة.
وحذر من تأثير تسريح العمالة على معدلات البطالة بالسوق المحلية، خاصة أن أغلبهم يعمل في مجال التشييد والبناء، موضحا أن هذا المجال يعاني من حالة ركود شديدة محليًا بسبب الأحداث الجارية.
تراجع الطلب
وتوقع حمدي إمام، رئيس شعبة شركات إلحاق العمالة بغرفة القاهرة التجارية، أن يشهد عدد المصريين بالخارج تراجعا بنسبة بين 20% إلى 30% خلال الفترة الحالية. وقال إمام فى تصريحات صحفية: إن التوطين فى دول الخليج يسير بالتوازي مع مشكلات سياسية واقتصادية بهذه البلاد دفعتها لتجميد المشروعات بها، وبالتالي تراجع الطلب على العمالة المصرية بجانب الاستغناء عن عدد كبير من العمالة المتواجدة هناك الآن، مؤكدا أن نسبة التراجع في الإقبال على العمالة المصرية في دول الخليج تصل إلى بين 80 و85%.
وأوضح أنه خلال السنوات الماضية، دفع فرض رسوم على مرافقي العمالة المصرية بالسعودية إلى عودة بعض هؤلاء المرافقين، كما أسهم توقف المشروعات قبل وبعد أزمة كورونا في عودة بعض العاملين خاصة بمجال الهندسة وأعمال البناء والمقاولات.
وقال حمدي إمام: إنه ليس هناك مفر أمام مصر إلا فتح أسواق عمالة جديدة سواء كانت العراق أو بعض الدول الآسيوية أو الإفريقية، مؤكدا أن سوق العراق يمثل فرصة كبيرة للعمالة المصرية خلال السنوات المقبلة مع عملية إعادة الإعمار المزمع تنفيذها.
فوضى الإجراءات الوقائية.. “حكومة الارتباك” تنقلب على كورونا
تعيش حكومة الانقلاب الدموي مرحلة غير مسبوقة من الارتباك والارتجال والفوضى فى مواجهة فيروس …