إمبراطورية الجيش.. العسكر يحارب القطاع الخاص “تحت الترابيزة”
يحارب نظام الانقلاب الدموي بقيادة عبد الفتاح السيسي القطاع الخاص ويُجري ما يشبه عملية تأميم كتلك التي قادها الانقلابي الأول جمال عبدالناصر، ولكن الحرب هذه المرة تجري “تحت الترابيزة”.
حكومة الانقلاب تعلن دعمها للقطاع الخاص، وأنها تشجع هذا القطاع ورجال الأعمال، وأنهم جزء من الاقتصاد الوطني، لكن ما يجري في الكواليس غير ذلك، فهناك تهديدات ونهب وسرقة واستيلاء على أموال وأملاك وإجبار على دفع مبالغ كبيرة نظير السماح بالاستمرار.
هذه الحرب تستهدف ألا يكون في السوق غير إمبراطورية العسكر؛ فالجيش في عهد السيسي أصبح يعمل في كل المجالات من الإبرة حتى الصاروخ، وينافس منافسة غير شريفة هي أقرب إلى الاحتكار من أجل ابادة القطاع الخاص والهيمنة على السوق لتعويض العسكر عن “أشولة الرز” التي كانت تأتيهم من الخليج.
هل هذه الحرب سيكون لها تأثير على الاقتصاد المصري وعلى المواطنين؟ وهل يتوقع أن يخرج القطاع الخاص من السوق أم يعمل تحت عباءة العسكر؟
5 أسباب
من جانبه حدد إبراهيم سيف خبير اقتصادي خمسة أسباب تكشف عن أبعاد هده الحرب وتخوف القطاع الخاص المحلي والدولي وإحجامه عن الاستثمار في مصر.
وقال سيف في تصريحات صحفية إن السبب الأول هو الإدارة الشاملة للاقتصاد؛ حيث يبدو أن حكومة الانقلاب راضية عن العجز المتنامي في الميزانية، في حين أن الاقتصاد يتباطأ وهذا العجز يهدّد الاستقرار الاقتصادي ويقلّص الخيارات السياسية المتاحة مشيرا إلى أن مجتمع الأعمال يرى أن بعض التدابير الحكومية، مثل الترحيب بالمستثمرين الأجانب واقتراض الأموال من الخارج، شكلية وتمثّل التفافا على القضايا الجوهرية، كانخفاض الإنتاجية، وارتفاع تكاليف المعاملات المرتبطة بممارسة الأعمال التجارية في مصر.
وأشار إلى أن السبب الثاني يكمن في غياب مبادئ توجيهية واضحة لإشراك القطاع العام، وهناك مسائل مبهمة على صنّاع القرار أن ينظروا فيها، مؤكدا أنه رغم أن بعض المفاهيم مثل العدالة الاجتماعية تبدو جذّابة، فإن ترجمة هذه الأهداف إلى سياسات فعليّة صعبة للغاية.
وأوضح سيف أن العامل الثالث يرتبط بـ”الاقتصاد الخفي”، أي ذلك الجزء من الاقتصاد الذي يمتلكه الجيش؛ حيث تشير التقديرات إلى أن الجيش يسيطر على من 20 إلى 40 في المئة من الاقتصاد الوطني ويعكس الهامش الواسع لهذا التقدير ندرة المعرفة وانعدام الشفافية المحيطة بالمسألة. وتتمتّع الشركات المملوكة للجيش، بمعاملة ضريبية تفضيلية، وتُدعَم من خلال المساعدة المالية التي تحصل عليها من ميزانية الدفاع.
صراع مع الجيش
واضاف : للتشجيع على زيادة استثمارات القطاع الخاص، يجب أن يكون هناك تمييز واضح بين المجالات التي يسيطر عليها الجيش، وبين تلك التي يسيطر عليها القطاع الخاص، ولاسيّما في قطاعَي الزراعة والصناعات الزراعية، حيث يملك الجيش العديد من المصانع والمرافق ويتمتّع بميزة تنافسية غير عادلة بسبب الدعم المباشر والخفي موضحا انه مع تخفى حكومة الانقلاب تحت شعار “الأمن القومي”، فان شريحة كبيرة من القطاع الخاص ستركّز فقط على “القطاعات الآمنة”، مثل الإنشاءات أو توفير الخدمات، وتجنّب الاستثمار الذي ينطوي على خطر حدوث صراع مع الجيش .
وأكد سيف أن وجود هذا الاقتصاد الخفيّ يثير الشكوكَ حول صدقيّة سيادة القانون مشيرا الى ان العامل الرابع يتمثّل في ارتفاع تكلفة العمل الجماعي وهذا يسبب القلق للمستثمرين المحليين والدوليين لأنه لا توجد رؤية للتعامل مع الحركات العمالية لتقليل عدد الإضرابات أو التخفيف من آثارها المالية السلبية ولا يوجد قانون ينظّم العمل الجماعي.
وقال إن السبب الخامس هو ديناميكيات القطاع الخاص، مثل ازدياد المنافسة بين مختلف المجموعات التجارية وضعف الثقة بين قادة القطاع الخاص، تؤدي إلى تحفّظ مجتمع الأعمال على الاستثمار في السوق المصرية.
وطالب سيف بضرورة التصدّي لمخاوف القطاع الخاص وشواغله بهدف استعادة النمو في الاقتصاد المصري، موضحا أن هناك ثلاث جهات فاعلة رئيسة يجب أن تشارك في عملية استعادة النمو:
الجهة الأولى هي القطاع الخاص نفسه، ثمَّ الحكومة، وأخيرًا منظمات المجتمع المدني والناشطون السياسيون، ويمكن لكلّ صاحب مصلحة أن يؤدّي دورا في عملية بناء الثقة بين الجهات الثلاث.
عسكرة الاقتصاد
وقال علاء البحار الصحفي المتخصص في الشأن الاقتصادي إن القطاع الخاص يمر بأسوأ مراحله في التاريخ المصري، مشيرًا إلى أن هناك عددا من العوامل أثرت بشكل كبير على القطاع منها غياب الاستقرار والركود خاصة المشروعات الصغيرة والمتوسطة، مشيرا إلى أن القطاع الخاص شهد فسادا كبيرا؛ حيث يتم مجاملة العسكر على حساب المستثمرين.
وحذر البحار في تصريحات صحفية من خطورة عسكرة الاقتصاد، مؤكدًا أن الجيش سيطر على كل القطاعات الاقتصادية واحتكر المشروعات، بالإضافة إلى أن الجيش كان له مصالح خاصة مع دول الخليج؛ حيث أسند الكثير من المشروعات لشركات خليجية مثل ما حدث في مشروع المليون وحدة والعاصمة الإدارية الجديدة.
وأكد أن الجيش وسع من نفوذه في كل القطاعات، بداية من الأراضي والطرق بالمليارات وزاحم القطاع الخاص في مشروعات تجارية ومشروعات الأمن الغذائي.
دور متعاظم
وكشف عمرو إسماعيل، باحث بمركز كارنيجي للأبحاث والدراسات السياسية، عن أن المؤسسة العسكرية تزاحم الشركات الرأسمالية الكبرى، وليست الشركات المتوسطة التي يعاملها الجيش كمقاول فرعي.
وقال إسماعيل في تصريحات صحفية إن دور القوات المسلحة المتعاظم في تنفيذ هذه المشروعات حل محل الشركات الكبرى كـ”أوراسكوم والمقاولين العرب” في عدد من المشروعات.
بعد عودتها من الخليج.. العمالة المصرية بين نارين: كورونا والسيسي
تواجه العمالة المصرية العائدة من الخليج، بعد تسريحها، جحيم قائد الانقلاب الدموي عبد الفتاح…