‫الرئيسية‬ مقالات هل نحن مقبلون على خطأ تاريخي آخر؟
مقالات - يونيو 22, 2015

هل نحن مقبلون على خطأ تاريخي آخر؟

جمعتني مناقشات عديدة مع أصدقاء حول البديل المحتمل للسيسي، والذي يظن البعض أنه يتم إعداده خلال هذه الفترة لتقديمه «كإصدار» معدل لتطبيق «الحاكم» الذي تصدره المؤسسة العسكرية المصرية، وإزاء ذلك تحركت بعض الأفكار في رءوس بعض الوطنيين تدور حول الفوز بمبادرة إنقاذ الوطن والخروج من الأزمة، والتوقيع في صفحة العظماء في سجل التاريخ.

وفي ظل تطور مفهوم «حرب اللاعنف» وتفوقه من طرف النموذج الجديد لحكم العسكر في مصر «الديكتاتورية الثورية»، على ما يقابله من الحراك الثوري في قالب أقل خشونة من مفهوم حرب اللاعنف المعياري، الذي تستخدمه الدولة البوليسية ذات الخلفية الديمقراطية، بات مفهوم الفعل السياسي والحل السياسي معروضًا وبقوة، ويبدو أنه أضحى مقبولاً من بعض أبناء الدولة المدنية ذات المرجعية الإسلامية.

ولا أحسب أن أحدًا يدقق في الواقع المصري والصراع بين القوتين الفاعلتين فيه، يعتقد أن البديل سيكون ابنًا من أبناء يناير المخلصين ولا حتى من أبنائها «غير الشرعيين» أو بتعبير آخر: المنسوبين إلى فِراش التحرير!!، والتساؤل المطروح الآن: هل يستبدل الإسلاميون العسكر بالعسكر؟ وهل نعيد خطأ تاريخيًا آخر؟.

ربما يظن البعض أن الحل الأمثل هو أن يتنحى السيسي عن الحكم، وأن يأتي رجل أقل حدة منه وقسوة، ولم تتلطخ يده بدماء أبناء الوطن، ليجمع الفرقاء على مائدة واحدة ويتصالح الجميع.

وهنا أقول: هب المؤسسة العسكرية قدر رضيت بهذا البديل الذي لا شك أنه خاضع لشروطها، بل سأذهب معك بعيدًا فأقول: أنها رضيت برجل لا يركن إليها إلا قليلا، وجاء هذا البديل المدني وأقصى بعض أو كل المجلس العسكري وجلس على عرش مصر.. ودعا الجميع إلى مصالحة وطنية شاملة صادقة، يتقاسم الكل فيها كل شئ، هل سيكون ذلك في مصلحة الإسلاميين والوطن؟

أثار انتباهي بعض الحفاوة التي تلقَّى بها البعض ما سُرِّب عن مبادرة الرياض منذ فترة، وما أعلن عن تحركات الغنوشي، ومطالبات أردوغان، وأخيرًا دعوة يوسف ندا للمخلصين من أبناء القوات المسلحة للتحرك فيما يشبه غطاءً شعبيًا وسياسيًا لمر ربما لا ندركه بسبب سمك الستائر التي يدور خلفها!!، ولكونه يعني أننا لم نعِ الدرس؛ فلا أخفيك أنه أمر مقلق لي، أن يظن البعض منا بالمؤسسة العسكرية خيرًا بعد أن حولت البلاد إلى كتيبة كبيرة، والعباد إلى مجندين عليهم حق السمع والطاعة للقيادة.. ولا أريد أن أنصت إلى ذلك الذي يصفهم بالسذاجة والغباوة، ولكن لا أفهم كيف لا يزالون يؤمنون بأن القاتل – والسكين لا يزال في يده- يريد أن يهب القتيل حياته!!

في انخلاع السيسي أو خلعه، وتنصيب ذلك المدني «مموه الفكر» ذي الخلفية العسكرية، فوز عاجل ونصر قريب للإسلاميين، وربما للبلاد وبعض العباد، فسيخرج المعتقلون، ويأمن المطاردون، ويعود المهجرون، لكنه في الحقيقة إطلاقٌ لرصاصة الرحمة على الدولة المدنية، وتحطيم للأحلام الجميلة بالحرية والعدالة الاجتماعية التي آمن بها الجميع وهتف لها.
إن تنصيب «البديل» معناه أن من نصبه هو الأقوى وأن حضوره بات لا مناص منه، أي هو عقد رضائي على حضور العسكر في المشهد السياسي، أو على الأقل في خلفيته، يراقبون ويحركون ويخططون.. والجميع -فهم أم لم يفهم- ينفذ المشيئة العسكرية.

نعم هو كما فهمت- أيها الكريم- ترسيخ للهيمنة والدولة العسكرية، لتكون قريبا من دولة مبارك، حيث كانت تبدو شريفة طاهرة تتعف عن مستنقع السياسة، والكل يحسبها مصدر الوطنية ومنبعها، ولكنها كانت كمن معه «حُجة البيت» لن يستطيع أحد التصرف فيه إلا بموافقته!.

ربما ينسى البعض أن العسكر هؤلاء صنيعتنا وجريمتنا ولعنتنا، وأن آباء العسكر الحاليين جاءوا إلى عرش مصر محمولين على أكتاف الإسلاميين وظهورهم، وأن من «كوى» بذلتهم، «ولمَّع» نجومهم التي على أكتافهم هم نحن أيضًا.. فهل تريدون استبدال عسكر بعسكر؟ وكيف تجيبون على تساؤل الأبناء والأحفاد المحتمل: لماذا فعلتم بنا هذا؟، ولماذا لم تتعلموا من التاريخ؟، وأخشى أني لا أستطيع أن أجيب هذا المتحامل عن سؤاله: لماذا لا تعتذرون للشعب المصري عن استحضاركم للحكم «الجبري» العسكري بداية، بدلا من أن توقعوا على وثيقة التمديد؟.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟

ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …