‫الرئيسية‬ مقالات دموع ممولة في عيون محمود الجندي
مقالات - يونيو 20, 2015

دموع ممولة في عيون محمود الجندي

في مطلع عام 2003 كان “عبد الرحيم علي” قبل أن يصبح عبد الرحيم باشا علي مشرفًا على قسم التحقيقات والقسم السياسي بمجلة البداية، التي كانت تصدر عن حزب الوفد، وكان يترأس مجلس إدارتها الدكتور محمود أباظة حينما كان نائبًا لرئيس الحزب، ويرأس تحريرها وحيد عبد المجيد خلفًا لمؤسسها أنور الهواري.

طلب مني عبد الرحيم على أن أتوجه إلى فيلا المهندس صلاح حسب الله وزير الإسكان الأسبق، الكائنة بمنطقة الهرم، في ساعة متأخرة من الليل لعمل تحقيق صحفي عن الجلسات والدروس الدينية التي يلقيها داعية جديد اسمه الحبيب الجفري، وأخبرني أنني سأجد مجموعة من الفنانين في تلك الجلسة الدينية.

توجهت إلى هناك وأنا اسأل نفسي كيف عرف عبد الرحيم علي بأمر تلك الدروس الدينية الليلية التي تتم في فيلا وزير سابق، ولا يحضرها غير الفنانين، كنت أعتقد أنه وصلته معلومة خاطئة وأن الأمر مجرد شائعة، وأنني لن أجد شيئا.

وصلت للمكان، وسمحوا لي بالدخول، وجلست فوجدت الجفري بملابسه البيضاء، جالسا القرفصاء كعادته و يتحدث عن الرسول صلي الله عليه وسلم بلغة رقيقة وبكائية تؤسر القلوب والأذهان، تلفت حولي فإذا بي أجد الراحل علاء ولي الدين ومحمود الجندي وشريف منير وأشرف عبد الباقي وعلاء مرسي والراحل جمال إسماعيل وآخرين في حالة إنصات وخشوع تام.

كان أشرف عبد الباقي يستقبل الضيوف ويقدم لهم الماء والشاي، وعرفت بعد ذلك أنه زوج بنت الوزير صاحب الفيلا.

في نهاية الدرس بدأ الحبيب الجفري يدعو وبكي، فأجهش الجميع بالبكاء تأثرًا وخشوعًا، ولكنني لاحظت أن أكثر شخصين بدا عليهم التأثر الشديد بدعاء الجفري كانا علاء ولي الدين ومحمود الجندي اللذين انخرطا في موجة بكاء شديدة .

خرجت من المكان مندهشا ومتأثرا، فلقد كنت أعتقد أن حياة الممثلين كأس وسيجارة وامرأة غانية، لم أكن أتصور أن فيها دموع وندم وبكاء ودعاء واستغفار وتوبة، وظل مشهد محمود الجندي وعلاء ولي الدين هو الأكثر تأثيرًا في نفسي .

-2
عاد محمود الجندي للبكاء مرة أخرى بعد 13 سنة، وتحديدًا منذ أسبوع، ولكن دموعه هذه المرة لم تكن دموع ندم ولا دموع توبة ولا دموع تأثر بأدعية الجفري، وإنما كانت دموع طائفية، دموع شيعية، دموع ممولة من إيران سكبتها عيون الفنان الكبير خلال زيارته لميلشيات الحشد الشعبي الشيعية الطائفية التي أسسها المرجع الشيعي على السيستاني عام 2014 لمساعدة الجيش العراقي في مواجهة داعش .

ذهب محمود الجندي إلى العراق بدعوة من ميلشيات الحشد الشعبي ومعه عدد من الفنانين والفنانات لإحياء ذكرى مذبحة سبايكر التي قتلت فيها داعش المئات من الجنود العراقيين الشيعة.

لم يكتف الجندي بمجرد الزيارة، ولكنه أوغل في الأمر، وقدم لتلك الميلشيات الطائفية التي تمارس القتل علي الهوية منذ تأسيسها ما لم تكن تحلم به، فأرتدي زيهم العسكري وكأنه جنرال في الجيش الشيعي، وقام معهم بجولة ميدانية في مكان المذبحة، وهي بالفعل مذبحة قذرة نفذتها ميلشيات داعش قبل عام بمنتهي القسوة والإجرام، ولكن الميلشيات التي تحيي ذكرى تلك المذبحة والتي ارتدى الفنان الكبير زيهم العسكري أكثر إجراما وطائفية من داعش، بمعني أنه ذهب لمواساة سفاح في مذبحة قام بها مجرم …

تبختر الجندي بالزي العسكري للميلشيات الشيعية، لدرجة أنك تشعر من خلال مشاهدة الصور والفيديوهات التي بثتها الفضائيات العراقية الشيعية للزيارة وكأن محمود الجندي كان يرتدي زي الجيش المصري بعد انتصارات أكتوبر من شدة الخيلاء.

ذهب الفنان معهم إلى مكان المذبحة، فبدا التأثر على وجهه، ولمزيدا من المليودراما التي يتطلبها المشهد بكي الرجل، ولأن دموع الرجال عزيزة فلابد أن يكون الثمن المدفوع فيها عزيزا وكبيرا ومرضيا، ولأن بنديرة المال الشيعي في مصر لم يعد عليها رقيب ولا حسيب ولم تعد تثير حفيظة أو حساسية الأجهزة المعنية، فإن من نظموا الزيارة ومن دعوا لها ومن اختاروا الضيوف لابد وأنهم قد أغدقوا عليهم الكثير مقابل تلك الدموع .

3-
قبل شهرين وتحديدا في أبريل 2015 قامت الممثلة حنان شوقي بنفس الزيارة لنفس الميلشيات وارتدت هي الأخرى نفس الزي العسكري للحشد الشيعي الشعبي وذهبت معهم إلي مكان المذبحة وحينما عادت إلي مصر بكت على الهواء في برنامج تلفزيوني تأثرا بتلك المذبحة، أي أن السيناريو واحد والمخرج واحد والأبطال مختلفين، فالفيلم يبدأ بزيارة ثم حفاوة ثم خلع للملابس المصرية وارتداء ملابس عسكرية لميلشيات طائفية، و المشهد الأخير دموع مدفوعة الأجر.

4-
جرائم الحشد الشعبي

وأحب أن الفت نظر دموع الأستاذ محمود الجندي ودموع السيدة حنان شوقي لبعض الجرائم القذرة التي ارتكبتها قوات الحشد الشعبي تجاه السنة في العراق لعل وعسى أن تجد تلك الدموع مجرى آخر لها غير المجرى الشيعي مدفوع الأجر مسبقا.

فمن بين أقذر الجرائم لتلك الميلشيات ما وثقه مركز عراقي حقوقي حول قيام عناصر تلم الميلشيات باغتصاب العشرات من النساء السنيات في منطقة جنوب بغداد، ووفقا لهذا المركز ومنظمات حقوقية أخرى فقد قامت ميلشيات الحشد الشعبي بالاعتداء على 190 مسجدا في صلاح الدين وديالي والأنبار وبغداد وأن بعض هذه المساجد دمروها بالكامل، بالاضافة إلي قيامهم بتهجير المئات من العائلات السنية تهجيرا قسريا من أماكنهم لتغيير الطبيعة الديموجرافية للعراق.

أضف إلى ذلك جرائم القتل والإعدام الجماعي والسلب والنهب التي قاموا بها في تكريت وفي الرمادي وهو ما جعل القبائل السنية في الرمادي تبايع داعش على كراهتها الشديد لها بسبب الجرائم المروعة التي إرتكبتها تلك الميلشيات التي يتزعمها جمال محمد جعفر، واسمه الحركي أبو مهدي المهندس، و يقول عنه مسؤولون عراقيون إنه اليد اليمنى لقائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني كما أن تلك الميلشيات التي تمولها ايران واعترف بذلك مؤخرا رئيس الوزراء العراقي تحارب في سوريا بجوار بشار الاسد.

5-
أسئلة لا تجد إجابات

وهذه الزيارة تفتح الشهية لسيل من الأسئلة التي لا تجد إجابات شافية ،فمن هي الجهة السيادية التي سمحت لحنان شوقي ومحمود الجندي وأحمد ماهر وآخرين بزيارة ميلشيات عسكرية شيعية تمارس دورا طائفيا في العراق ،واذا لم تكن هناك جهة قد سمحت فلماذا غضت الجهات الأمنية الطرف عن تلك الزيارة وما حدث فيها ،ومن الذي نظمها ،ومن الذي خطط لها ومن الذي تواصل مع هؤلاء الأشخاص تحديدا ، ،و ما هي دلالات هذا الأمر ،وهل هو رسالة يفهم منها أنه سيتم تخفيف القيود الامنية والسياسية والدينية على التشيع في مصر أم أن الامر له دلالة رمزية على جعل الباب مواربا مع محور”ايران-بشار” ،في مقابل الباب المفتوح مع السعودية من أجل تحقيق مزيدا من المكاسب المادية والسياسية ،ومن أجل خلق مساحة للمناورات .

…………………………………

المصدر: مصر العربية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟

ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …