‫الرئيسية‬ مقالات معركة مصر القادمة: ساويرس ضد السيسي!
مقالات - مارس 23, 2015

معركة مصر القادمة: ساويرس ضد السيسي!

■ الثروة.. الثقافة.. السينما.. الميديا.. السياسة.. خمس خطوات مدبرة تحقق خطة ساويرس في الاستيلاء على السلطة!

 ■ لعبة الانتخابات الحالية من «المسرح القومى» إلى «مسرح العبث»

تقلبت التربة السياسية في مصر أكثر من مرة.. لكنها.. لم تخرج نبتا جديدا.. أو وجها جديدا.

شخصيات مزمنة ظهرت في زمن مبارك.. استمرت على السطح في زمن حسين طنطاوي.. ومحمد مرسى.. وعبدالفتاح السيسي.. وكأنها شخصيات مصنوعة من فيلين.. تجيد فن العوم.. وتعرف قانون الطفو.

تغير النص والمخرج والديكور وعامل الإضاءة وقاطع التذاكر.. لكن.. بقيت على خشبة المسرح نفس الوجوه.. تمثل بنفس الأسلوب.. وتطل علينا كلما فتح الستار.. لذلك تغير اسم «المسرح القومي» إلى «مسرح العبث».

وفى مسرح العبث.. كل شيء مباح.. بقرة تطلع شجرة.. سيارة تتحول إلى حزب.. موظف سابق مثل كمال الجنزورى يضع قائمة مجلس النواب الجديد.. ورجل أعمال لا تعرف أوله من آخره مثل نجيب ساويرس يخطط لحكم البلاد.

وليست صدفة أن نجد «دويتو» الجنزورى وساويرس يعودان معا.. وربما يعملان معا.. وإن ظهر لنا أن كلا منهما يمشى في طريق مختلف.. فلعبة السياسة لا تختلف كثيرا عن قبعة الساحر.. تنتهي كل الأشياء التي تخرج منها إلى صندوق واحد.

كما إننا لا نعرف خريطة شبكات الاتصالات الممتدة تحت الأرض؟.. من يديرها ويوجهها ويسيطر عليها ويتحكم فيها؟

وفى الظروف الحرجة التي تمر بها مصر بعد نجاتها من المخطط السرطاني الذي دبر لها فإن من الفطنة الشك في كل من يلعب دورا ولو نفرت عروق وطنيته أو سخنت بشرة ملامحه.

منتهى السذاجة أن نثق في أحد بسهولة.. فالذين أخرجناهم من الباب سيعودون من الشباك.. ولو سقط قناع التيار الديني عن مدبر المخطط، فما المانع من استخدام قناع ليبرالي أو علماني أو إنساني؟!.

لا أقصد أحدا بعينه.. لكنها.. إرشادات ضرورية يجب فرضها وتطبيقها والالتزام بها.. لا يستثنى منها كبير أو صغير.. خاصة أن مليارات المال السياسي جاهزة لتلعب في الانتخابات البرلمانية القادمة.. لتأتى بمجلس نواب قد يفرق ولا يوحد.. يدمر ولا يبنى.. يصرخ ولا يعبر.

للمرة المليون لا أقصد أحدا بعينه.. لكنها.. حبات الكلمات التي قد تجمع شتات الأحجار في عقد واحد.

أعود إلى أبطال المقال بعد أن سرحت بعيدا عنهما.. وتركتهما على شاطئ بعيد.. ربما ليراجعا علاقتهما العميقة معا.

لقد قدم الجنزوري إلى ساويرس مصباح علاء الدين، فخصخص الشركة الحكومية لخدمات التليفون المحمول ومنحها إليه بأمر مباشر فانتقل رجل الأعمال الصاعد من خانة المليون إلى خانة المليار.. ولا نعرف هل رد الجميل إلى صاحبه؟

وقدم الجنزوري إلى ساويرس خاتم سليمان فوقع بصفته رئيس حكومة على رخصة بناء أبراج النيل متجاوزا الشروط القانونية للبناء.. فتضاعف الثراء دون حساب.

لم يعاقب الجنزوري.. ولم يقنع ساويرس.. بل بقيا على قيد الوجود رغم تغير الظروف وتعدد الأنظمة.. فهما رجلان «مالتى سيستم».. يستحق كل منهما بجدارة لقب «رجل لكل العصور».. فهل هناك قوى ما باركت تعاونهما ومنحتهما الحصانة والبركة لتعيدهما إلى الضوء كلما انحسر عنهما؟

وضع ساويرس علامات استفهام حوله عندما رفع رأسمال شركة أوراسكم تليكوم بشهادات بنيكة مزورة.. وسجن المحاسب الذي زورها.. ولم يحاسب المستفيد من تزويرها.. حسب القانون.. كما حدث في حالات أخرى مشابهة.. فمن الذي وضع هذه الريشة على رأسه؟.. وهل هي ريشة محلية أم ريشة خارجية؟

تحت دعوى الخوف من انهيار البورصة أغلقت الملفات وحفظت التحقيقات وجمدت الاستجوابات ونسيت التجاوزات.

ولوحظ أن ساويرس نجح بسهولة في الحصول على شركات اتصالات في دول يصعب دخولها.. تعتبرها الولايات المتحدة دولا شريرة.. يجب تغيير نظم الحكم فيها.. مثل العراق كوريا الشمالية وباكستان وأفغانستان وسوريا.. فكيف خضعت هذه الدول لساويرس ولم تخضع للبيت الأبيض؟.. أليس هذا لغزا محيرا؟.. أليس حل اللغز يكشف لنا ما غطس من جبل الجليد تحت الماء خاصة أن بيزنس الاتصالات أكثر أنواع البيزنس تأثيرا فى الأمن القومي؟.

وبفضل المليارات التي كسبتها من مصر دخلت عائلة ساويرس قائمة الأكثر ثراء.. وتقدمت فى الترتيب شخصيات شديدة الغنى في دول الخليج النفطية.. فتراب مصر يحقق أحيانا ــبطرق ماــ ما لا يحققه الذهب الأسود.

لكن.. كل ما كونته عائلة ساويرس من شركات طرحتها في البورصة لتفتح الباب لشركات أجنبية لتشترى النسبة الحاكمة فيها.. وكسبت العائلة مليارات إضافية.. لم تدفع عنها ضرائب.. وسلمت الشركات الوطنية لشركات متعددة الجنسيات.. وهى شركات أقوى من الحكومات.. يصعب مواجهتها.. أو تحجيمها.. فعدنا من جديد لسيطرة رأس المال الخارجي على الحكم.

وقد لخصت الحكومة الجزائرية مشاكلها مع عائلة ساويرس قائلة: «لقد حررنا بلادنا من الاستعمار الفرنسي وهي أعادته إلينا».. وكان ذلك تعليقا على بيع مصنع أسمنت تملكه العائلة في الجزائر باعته إلى شركة لافارج الفرنسية.

لكننا.. في مصر.. لم نجرؤ على أن ننطق بكلمة رسمية واحدة في حق تلك العائلة المبهرة ولو جاءت باستعمار متعدد الجنسيات.. متنوع الأشكال والألوان.. فالقضية الأهم كانت قضية التوريث.. وفى سبيلها هان كل شيء..

وما ضاعف من حجم الاستياء أن المليارات التي باعت بها عائلة ساويرس شركاتها لم تعد إلى مصر ليعاد استثمارها في شركات جديدة.. لو حدث ذلك.. كنا رقصنا عشرة بلدي.. أو افرنجى.. لا فرق.. لكن.. تلك المليارات استثمرت في دول أخرى.. استثمارات سياحية في سويسرا.. مصانع للأسمدة في الولايات المتحدة.. عروض لشراء شركات اتصالات في إسرائيل وإيطاليا.. وغيرها.. ولم يبق من ثروة العائلة التي كونتها في مصر سوى فتات.. لا تقارن بحجمها.

وبعد الثروة سعى نجيب ساويرس إلى التسلل إلى الميديا.. واعترف أن أول من لفت نظري إلى ذلك التسلل هو فؤاد سعيد.

وفؤاد سعيد واحد من أكثر المصريين ثراء في الخارج ويعيش في جنيف في قصر يصعب تجاهله.. أراد استثمار 100 مليون دولار في مصر مع بداية القرن الجديد.. فاستجاب لدعوة من ناصف ساويرس باستثمار جزء منها في شراء مصنع للأسمنت.. لكن.. ترتب على تلك الشراكة متاعب قانونية استمرت في المحاكم أكثر من عشر سنوات في قضايا تولاها فريد الديب نيابة عن فؤاد سعيد وكسبها فى درجاتها المختلفة.

وسمعت من فؤاد سعيد أن علاقته بالرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الأب سمحت له أن ينقل شكواه إلى مبارك.. لكن.. مبارك لم يشأ التدخل بعد أن وجد تهديدا من نجيب ساويرس بسحب استثماراته في مصر.. وهو تهديد تكرر كثيرا.

واللافت للنظر أن نجيب ساويرس كان دائم التصريح بأنه لن يتورط في السياسة وأن خلطها بالثروة يضر بها وبالسياسة.. لكن.. ذلك على ما يبدو كان رفضا مؤقتا.. سرعان ما تراجع عنه خطوة.. خطوة.

كانت الخطوة الأولى استقطاب المثقفين بجوائز للإبداع الأدبي ينفق عليها.. بجانب الحرص على صداقة بعضهم مثل أحمد فؤاد نجم.

وكانت الخطوة الثانية استقطاب الفنانين بالإنفاق على مهرجان القاهرة السينمائى.

وكانت الخطوة الثالثة الدخول إلى الفضائيات بقناة أون تي في وتحولها تدريجيا من المنوعات إلى السياسة خاصة بعد ثورتي يناير ويونيو.. ولحق بها وكالة أنباء.. ومركز للتدريب على المهن الإعلامية.

وكانت الخطوة الرابعة تشكيل حزب المصريين الأحرار والإنفاق على مرشحيه في أول انتخابات برلمانية بعد ثورة يناير.

وبالوصول إلى الخطوة الأخيرة بدأ الطموح السياسي لنجيب ساويرس يعبر عن نفسه أو عن القوى التي يمثلها تعبيرا واضحا.. وربما لم يعد يعتبر نفسه رجل أعمال.. ولو كان قد حصل على مليارات الثروة وأرسل أغلبها للاستثمار خارج مصر ليتفرغ إلى حلم تمناه أو هدف سعى إليه وهو حكم مصر.

ولن يكلفه ذلك سوى نسبة يسيرة مما كسبه من مصر.. أنفقها على شركات تفتش عن أفضل المرشحين فى المحافظات.. وفى تمويل حملاتهم الانتخابية.. وفى التقرب من العائلات المؤثرة في الانتخابات.. وفى السيطرة على المؤسسات الإعلامية بعقود امتياز إعلانية مستغلا المتاعب المالية التي تتعرض لها.. ومهما كان ما ينفق وما سينفق فإنه سيشترى حكم مصر بأرخص سعر.

لقد منح الدستور صلاحيات لرئيس الحكومة ــ على حساب صلاحيات الرئيس ـ لم تتوافر له من قبل.. ولو كان الرئيس من حقه في البداية اختيار الحكومة فإن مجلس النواب من حقه رفضها.. وفى حالة الرفض يجبر الرئيس على ترك مهمة تشكيل الحكومة ــ ما عدا الوزارات السيادية ــ للتحالف الذي يحظى بأكبر عدد من النواب.. وهو بالتحديد ما يسعى إليه ساويرس.. أن يصل إلى التحالف الأكبر.. فيشكل الحكومة.. وأكثر خطورة من تشكيل الحكومة إعاقة التشريعات التي لا تعجبه أو لا ترضى عنها القوى المعبر عنها والمساندة له.

إن هذه الصورة ليست من قبيل الخرافة السياسية وإنما حقيقة تؤكدها الشواهد الواقعية.. ولكننا للأسف لا نشعر بخطورة ما يحدث.. أو ما سيحدث.. فقد أسكت الإعلام بمختلف صوره وقيده بامتياز الإعلان.. وهو أمر لا أتصور أن يقبله الصحفيون والكتاب والسياسيون الأحرار الذين لا يبيعون ضمائرهم ولا يفرطون في وطنهم مثل يهوذا مقابل حفنة من المال.

إن الصمت يجب أن ينكسر الآن ودون تردد.. سيكسره الذين يعرفون الفرق بين الحرية والبورصة.. بين الصحافة والصرافة.. وبين السيسي وساويرس.

——
نقلا عن موقع (جريدة الفجر)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟

ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …