‫الرئيسية‬ مقالات محمود رمضان يستحق الإعدام
مقالات - مارس 8, 2015

محمود رمضان يستحق الإعدام

المشهد متكرر، مجموعة من الشبان يتحرشون بفتاة، يمدون أيديهم، وما بين أرجلهم، وألسنتهم تزيد المشهد قذارة وانحطاطا، نصف اغتصاب، في وضح النهار، تصرخ الفتاة، تستغيث، تنهار في بكاء مرير، والناس تشاهد ما يحدث من بعيد، بعضهم يقترب وهو ساكت، لا أحد يتدخل، وحين ينصرف الشباب، يتحدث الناس إلى الفتاة وإلى بعضهم البعض بأن البنت هي السبب، لأنها لابسة جينز، أو ردت على أحدهم، أو نزلت من بيتهم، أو جاءت إلى الدنيا بنتا، ولم تأت ذكرا يتحرش ولا يتحرش به.

إحداهن، في شارع فيصل بالجيزة، كانت أقوى، واجهت المتحرش، اشتبكت، وجدت من يساعدها، ضربوه، وربطوه في عمود نور، واتصلوا بأهله، لينفضح أمره، الناس التي تتفرج وتتهم البنت، تدخلوا هذه المرة، ليخبروها بأنه حرام عليها ما تفعله بالشاب المسكين، ماذا فعل ليستحق كل ذلك، تحرش بها، المسامح كريم، الناس بدأت تطور أدائها مع إعراض البنت عن كلامهم، بدأوا في الغضب، الزعيق، الناس في قمة الأسف لما حاق بالشاب المسكين، وفي النهاية أخبروها بأنه إن كان قد فعل فالذنب ذنبها !!

يتحرك المتحرش المصري في بيئة تسمح له بارتكاب جريمته كاملة، وتشجعه عليها، وتتسامح معه، وتلحق المسئولية بضحيته لا به، ولذلك يفعل ما يحلو له، ليس المتحرش وحده، بل كل من يقدر أن يفعل بغيره شيئا، في مصر، يفعله طالما امتلك القوة، ولا يعنيه من أمر الناس شيئا، الناس صفر على شمال، لن يتدخل أحد، لن يثور أحد، النخوة والرجولة آثار مهملة في مخازن الثقافة المصرية.

الأطراف المسئولة عن إعدام رمضان هم أطراف المشهدين السابقين، هم المتفرجون أبدا، الملحقون المسئولية بغيرهم أبدا، هؤلاء المتعاونون، الساكتون، المبررون، العدميون الإيجابيون، كل واحد يشوف مصلحته، وعلى المتحرش به ألا ينزل من بيته، أو أن يلبس النقاب، النقاب حلو.

محمود رمضان بريء، مواقع التواصل سبقت أي محاولة للتفنيد، الفيديو الذي اتهموه بسببه، والذي زوره إعلامي، ومونتير، تجاوزا وصف: إعلام “وسخ”، إلى إعلام “مجرم”، ومشارك في جريمة قتل، بعضهم يتحدث عن اعتراف محمود رمضان، كأن المشهد يحتاج إلى مزيد من العبث، لا يحتاج هؤلاء الذهاب إلى أمن الدولة ليروا، يحتاجون مشاهدة أفلام السينما المصرية، ليعرفوا أن كل متهم يعترف، ما دام تحت أيدي أجهزة الأمن، من معتقلات ناصر إلى سلخانات السيسي، الكرابيج، والكهرباء، ونزع الأظافر، وسلخ الجلد عن اللحم، والتهديد باغتصاب الزوجة، أو البنات أمام أبيهم، وغيرها من الوسائل الحديثة، مجرد رؤيتهم كفيل بأن تعترف بأنك قاتل الحسين بن علي، وليس يزيد وجنوده.

الجنرال وجنوده، وأجهزته، الشامخ، والوطني، والعظيم، الجميع يتحرك في بيئة مهيئة، ومشجعة، لارتكاب الجرائم، حلال عليهم البلد كما قالوا، المؤسسات لهم، الإعلام معهم داعم، ومشارك، والشارع بينهم وبين الإخوان، ونحن اكتفينا بالفرجة، والتنظير لعدم التدخل، والشماتة في الإخوان إذا انهزموا، واتهامهم بالإرهاب إذا اشتبكوا أو دافعوا عن أنفسهم، وحين تنقح علينا ضمائرنا نستدعي مسئولية الإخوان عما جرى كله، ونذكرهم بالماضي، تماما كما يستدعي المتفرجون على جرائم التحرش مسئولية البنات عن تحرش الشباب المساكين التعبانين بهم، بعضنا جاوز بدوره وصف “متفرج”، بعضنا قال بمنتهى الوساخة: “سيبوهم يخلصوا على بعض”.

محمود رمضان ليس إخوانيا، شيماء الصباغ لم تكن، وغيرهما الكثير، منهم من لقى نحبه، ومنهم من ينتظر، كانوا هنا والآن، وهذه هي جريمتهم الحقيقة، التي استحقوا من أجلها الإعدام، هم والإخوان، على حد سواء، أنهم معنا، ومسئولية قتلهم، بالرصاص، أو بالفتاوى، أو بأحكام القضاء، ليست مسئولية عصابة تسمي نفسها دولة، إنما هي مسئولية من تَصَدر لإشعال ثورة، ومع أول إخفاق نأى بجانبه، واستغنى، وقرر أن يتركها، ويجري.

 

 

…………………………………………

 

نقلا عن “مصر العربية”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟

ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …