‫الرئيسية‬ مقالات عرس ديمقراطي!
مقالات - مارس 25, 2018

عرس ديمقراطي!

لأول مرة أضحك بصوت عال -رغمًا عنى- أثناء خطبة الجمعة؛ سخرية من جهل الخطيب الذى أفاد حين أراد أن يضر، وقد أنطقه الله بالحق حين أراد التلبيس على المصلين لينافق العسكر.. 

فى نهاية خطبة الجمعة الماضية، وكان عنوانها «الإيجابية» دعا الخطيب إلى المشاركة فى «العرس الديمقراطى!!» وشدد على ألا يتخلف أحد، وقال بالحرف: انزل وشارك واختر- بكل حرية!!- من تريده، ثم ذكر حديثين شريفين فى معنى الإيجابية

وحسن الاختيار -أخطأ فى نصهما بالطبع-، وهما على الترتيب: «لا يكن أحدكم إمعة يقول إن أحسن الناس أحسنت، وإن أساءوا أسأت، ولكن وطنوا أنفسكم: إن أحسن الناس أن تحسنوا، وإن أساءوا أن تجتنبوا إساءتهم»، «من استعمل رجلاً من عصابة، وفى تلك العصابة من هو أرضى لله منه، فقد خان الله، وخان رسوله، وخان المؤمنين»..

فلو تأملت الحديثين اللذين ذكرهما لأيقنت أنه يدعو إلى المقاطعة الصريحة لهذه المهزلة التى يطلق عليها لفظ انتخابات؛ فما من أحد يفهم معنى الحديث الأول إلا ويقاطع، بل ينشط فى الدعوة إلى المقاطعة، وإذا ذكر أمامه الحديث الثانى، وفهم معناه والتزم به فسوف يرفض بكل تأكيد تلويث يده بالموافقة على المرشح الأوحد الذى غاصت يداه فى دماء الموحدين، وحرض على اغتصاب حرائرهم، وكوى الناس برفع الأسعار، وخان بلده ببيع أرضه، ومائه، وغازه، وهو فى طريقه لتقسيمه وتوزيعه بالقطعة على من يحب ويرضى، وعلى من يمكنونه من تنفيذ حلم عمره بحكم المحروسة..

أى عرس ديمقراطى يا مجرمون وقد أحصيتم على الناس أنفاسهم، وزرعتم ساحات البلاد بالسجون والمعتقلات، واجتثثتم المعارضة، واستبحتم التنكيل بالمصلحين؛ فحرمتم الأم من وليدها، والأب من فلذة كبده، وفرقتم بين المرء وزوجه، وقطعتم ما أراد الله أن يوصل، وأحللتم الحرام، وحرمتم الحلال، وعاديتم الصديق، وصاحبتم العدو.. فأنى نصدقكم؟ إنكم تفعلون مع الناس ما فعل المجرمون السابقون مع أصحاب الأخدود؛ حيث دفعوهم إلى النار دفعًا، ولم يرعوا حرمة، ولم يخفروا ذمة، ولم يذكروا أن هناك إلهًا عادلاً يحكم بالعدل والقسطاس، فلا تفوته الهفوة أو الهمسة..

والله لو فعلتم ما لم يفعله إبليس؛ فزينتم الباطل كما لم يزينه، ولبستم على الناس الأمور، وغيرتم وبدلتم خلق الله.. فلن يكون شىء مما تمنيتم إلا أن يكون أمر الله فيكم، وهو الاستدراج، والإملاء حيث كيد الجبار ذى القوة المتين.

أى عرس يا فسقة، وقد جعلتم فى كل بيت مأتمًا، وفى كل صدر مرجلاً، وقد أحيا الناس ليلهم يدعون عليكم لما فعلتم بهم.. أى عرس وإنا لنسمع نحيب الثكالى، وأنات اليتامى وشكاوى المستضعفين ممن أحلتم نهارهم ليلا، وفرحهم ترحًا، وأفسدتم عليهم عيشهم -أفسد الله عليكم دنياكم، وعذبكم فى أموالكم وأولادكم، وأذاقكم فى الآخرة بأسه الأليم وأنتم منكسو الرءوس، وجوهكم يومئذ عليها غبرة ترهقهما قترة..

إن قصة الخطبة وما جرى من الخطيب تزيدنى يقينًا فى الله سبحانه وتعالى، وتؤكد إعجاز الأخبار الواردة إلينا من النبى –صلى الله عليه وسلم- الذى يقول: «إن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر» فإن أفعال الفسقة مما يربى الله به الأمة، ويصنع به رجالها، ويهيئ أبطالها- من حيث لا يشعرون، والغباء جند من جنود الله، يسلطه على أنصار الباطل، فيعمى به أبصارهم، ويغشى بصائرهم فإذا هم ينصرون الحق من حيث لا يدرون، ويزهقون الباطل من حيث لا يشعرون، فإذا بالغ الباطل فى غروره وكبره أُحبط وانفجر كما تنفجر أمعاء البهيمة المنتفخة التى وقعت على طعام مسموم.

يقولون «عرس ديمقراطى» ونقول بل هو ريح فيها عذاب شديد تدمر كل شىء بأمر ربها، بل هو ما استعجلتم به، ظننتموه عارضًا ممطركم وهو العذاب بعينه، وسوف يأتيكم العريس بما اشتهيتم (من قعر الزبالة)، ألم تعلموا أن ما تنتظرون هو (عشم إبليس فى الجنة؟!)، و(إيش ياخد الريح من البلاط؟!)..

إن الذين نافقوا وادعوا أنه عرس، سوف يكونون أول من يكتوى بنيران من نافقوهم؛ ولو صدقوا لكان خيرًا لهم، لكنهم كذبوا وتحروا الكذب حتى كُتبوا عند الله كذابين، فويل لهم مما كتبت أيديهم، وويل لهم مما يكسبون.

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟

ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …