‫الرئيسية‬ أخبار وتقارير بعد “مظاهرات باريس”.. “العاصمة الإدارية” جدار خوفٍ لن يحمي السيسي من غضب المصريين
أخبار وتقارير - ديسمبر 3, 2018

بعد “مظاهرات باريس”.. “العاصمة الإدارية” جدار خوفٍ لن يحمي السيسي من غضب المصريين

مع تصاعد حجم وكمّ المظالم السياسية والاجتماعية والاقتصادية ضد الشعب المصري، توجه قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي نحو إقامة منطقة عازلة له ولقيادات نظامه، في محاولة لتحصين نفسه وحوارييه من غضب الشعب، والذي يشكل غضبه كابوسًا لأي حاكم، فقد عجز العسكر عن مواجهة غضبة الشعب الموحدة في يناير 2011، وبحث السيسي “قائد المخابرات الحربية” آنذاك عن السيناريو البديل للمواجهة العسكرية، بامتصاص الغضب وإعادة توجيهه نحو الشعب نفسه، لتسيُّد العسكر سلم السياسة لعقود كما هو الوضع منذ 1952.

هذه المنطقة العازلة التي تسمى العاصمة الإدارية الجديدة، بمثابة منطقة خضراء كالتي أقامها الاحتلال الأمريكي في العراق، وذلك حسب وصف مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، عبر دراسة نشرتها مؤخرًا على موقعها الإلكتروني، تناولت فيها بالنقد والتحليل المدينة التي شرع عبد الفتاح السيسي في بنائها في قلب الصحراء لتكون العاصمة الإدارية الجديدة، مشيرة إلى أنها بمثابة “جدار الخوف” الذي يشيد لفصل الشعب عن الدولة.

وقالت “كارنيجي”، إن المدينة الجديدة “وديان” ستكون شبيهة بالمنطقة الخضراء التي أنشأتها قوات الاحتلال الأمريكي إثر غزوها العراق عام 2003، لتحصين المباني الحكومية والإدارية، مشيرة إلى أنها تكشف عما يخطط له السيسي لمصر.

وأوضحت المؤسسة- التي تتخذ من العاصمة الأمريكية واشنطن مقرا لها- أن “وديان” القابعة وسط سكون أراضي الصحراء الموحشة، تنطوي على رمزية مفادها أن الشعب المصري “لا مكان له في رؤية السيسي” المستقبلية.

اليهود والأمريكان والسيسي

وتقوم فكرة “العاصمة الإدارية الجديدة” التي تنبثق من نفس مفاهيم ورؤية الأمريكان أثناء غزو العراق، وأيضا رؤية اليهود في التحصن وراء الجُدر، والتي أثبت التاريخ أنها لن تفلح في حماية الباطل إذا هب الشعب وأعلن عن غضبه.

وفي سياق تسارع السيسي ونظامه لنقل الوزارات والمقار الحكومية إلى العاصمة الإدارية الجديدة، تشير التطورات إلى أن السيسي مرعوب من الشعب، ويدرك تمامًا حجم جرائمه، ويعلم أن ما ارتكبه من جرائم يحول بينه وبين ترك منصبه طوعًا، لذا تتسارع أيضا دعوات التعديل الدستوري لإطالة أمد اغتصابه السلطة.

فكرة العاصمة هي التحصن والتخندق في مكان بعيد عن مظاهرات الشعب حين تندلع، والاختباء في الصحراء بعيدًا عن مخاطر القاهرة القديمة في ظل غضب الشعب، وهو ما ذهبت إليه “ميشيل دن”، خبيرة معهد كارنيجي للشرق الأوسط، في وصفها العاصمة الإدارية التي يبنيها السيسي في شرق القاهرة، بأنها “منطقة السيسي الخضراء” التي يسعى للتحصن فيها مع جنرالات الانقلاب والشرطة والجهات السيادية من الشعب، وتساءلت: “هل تفلح عاصمة مصر الإدارية الجديدة- منطقة السيسي الخضراء- في حمايته من شعبه؟”. مضيفة أن السيسي بنى العاصمة الإدارية (منطقته الخضراء)، مستلهمًا من الغزو الأمريكي للعراق في بناء هذه المنطقة، وأنها تجسد مدى تملك نفسية الغازي منه، ومدى رعبه من المصريين، فلا يكتفي بقتلهم وتعذيبهم بل ويقيم مدينة يتحصن بأسوارها منهم”.

العاصمة الادارية جدار الخوف

وأوضحت أن العاصمة الإدارية هي “إعادة بناء جدار للخوف يفصل المواطنين المصريين عن الدولة ومؤسساتها، حيث تم تحطيم هذا الجدار الذي بناه رؤساء مصر السابقون (ناصر والسادات ومبارك) خلال انتفاضة 2011، وهو ما أسعد الثوار من الشباب، لكنه قرع أجراس الخطر عند كبار ضباط الجيش والمؤسسة الأمنية”.

وقالت الباحثة الأمريكية، إن العاصمة الإدارية الجديدة هي “إعادة بناء جدار الخوف الذي يفصل بين المواطنين والدولة”، وإن بناء هذه العاصمة لم يكن رغبة في تفريغ القاهرة من زحامها كما يقال، وإنما الاختباء وراء أسوارها من المتظاهرين الذين نجحوا في ثورة 25 يناير في إحراق المقر الرئيس للحزب الوطني الحاكم، كما اجتاحوا مقرات جهاز أمن الدولة في مطلع مارس من ذات العام 2011، وكانت مواقع القصر الرئاسي ومقر وزارة الداخلية والمحكمة العليا من بين مواقع التظاهر المفضلة لدى المصريين، بعد خلع مبارك في فبراير من العام 2011، وهو ما يسعى السيسي لتجنبه.

رعب من باريس

وما يؤكد رعب السيسي ونظامه مما اقترفته أيديهم بحق المصريين، تعامله وانقلابه مع أحداث التظاهرات الرافضة لزيادات أسعار الوقود بفرنسا. حيث سيطر الرعب على سلطة الانقلاب، خاصة بعدما اتسعت مظاهرات باريس وتطورت، وزادت أعداد المشاركين فيها، ومطالبتها بإسقاط الرئيس لأنه رفع أسعار الوقود.

تجلى الرعب في تعليقات السوشيال ميديا المحسوبة على الانقلاب وصحف وفضائيات الانقلاب والسياسيين والبرلمانيين الموالين للسيسي، وكان أغربها ما نشرته صحف موالية للنظام عن دور للإخوان المسلمين في مظاهرات باريس، فهم وإن أرادوا تشويه سمعة الإخوان وتحريض الحكومات الأوروبية ضدهم، إلا أن الكلام يتضمن معنى آخر، وهو اليقين الدفين في العقل الباطن باستمرار وجود الإخوان وقدرتهم على الحشد والحركة، وهي القدرة التي تخطت الحدود المحلية إلى العالمية.

وتسيطر حالة من الغضب والانتقادات يقودها إعلام الانقلاب، بتكليفات رسمية، ضد ثورة الشعب الفرنسي على الرئيس الفرنسي، بعدما رفع أسعار الوقود، ويوميا ينتقد إعلام الانقلاب الشعب الفرنسي لأنه لم يصبر مثل الشعب المصري على الغلاء الذي قام به السيسي، ويزعم تقبل المصريين لرفع الأسعار!.

أجندة المخابرات

وسيطرت أجندات المخابرات على برامج التوك شو، ويردد الإعلاميون نفس المعلومات، فردد الإعلامي عمرو أديب ومعتز عبد الفتاح معًا نفس المعلومة الخاصة بأن نسبة الفقر في فرنسا 15%، ما يؤكد أنهم يتحدثون من نفس الورقة التي وزعتها عليهم المخابرات لإقناع المصريين بألا يتظاهروا مثل الفرنسيين، وتبرير غضبهم بأنهم فقراء!.

وسبق أن تباكى عمرو أديب، في حلقة سابقة، على ضرب الشرطة الفرنسية المتظاهرين، ليقنع المشاهدين أن ضرب وقتل الشرطة المصرية للمتظاهرين أمر عادي، وسخر من صمت العالم على ضرب متظاهري باريس، بينما انتقد قمع متظاهري مصر، ولكنه عاد في حلقة مساء أمس ليبدي انزعاجه من مظاهرات باريس، بزعم أن «الشعب المصري أكثر فهمًا من الشعب الفرنسي»، في إشارة منه إلى تحمل المصريين للإجراءات الاقتصادية الصعبة التي اتخذتها الحكومة، خلال الأشهر الماضية، وسبق أن قال عن مظاهرات فرنسا: الدول لم تعد تحتمل مظاهرات، وانتقد متظاهري مصر مقارنة بمتظاهري باريس، قائلا ردا على البرادعي الذي أشاد بمظاهرات باريس: “أحرقنا متاحف ومباحث أمن الدولة!”، ويقول للمصريين إن سعر لتر البنزين في فرنسا يبلغ 30 جنيها مصريا ليمهد للرفع القادم في مصر، وينقل رسالة ضمنية للمشاهدين أن السعر لا يزال ارخص من باريس!.

أسعار الوقود

ويتزايد القلق الشديد لدى نظام السيسي من انعكاس مظاهرات باريس التي يطلق عليها “الربيع الأوروبي” على مصر، وتحرك المصريين غضبا من رفع الأسعار، خاصة أن هناك موجة جديدة من رفع الأسعار بعد رفع سعر الدولار الجمركي، وتنفيذ مرحلة جديدة من تعليمات صندوق النقد الدولي برفع الأسعار، في يونيو المقبل، ستكون صادمة للمصريين في ظل ثبات الرواتب، والتي يريد الانقلابيون أن تمر بسلام كما مرت سابقاتها بدعاوى استيعاب المصريين لما يسمى “الإصلاح”، بينما السبب الحقيقي هو القمع.

كان الرئيس الفرنسي قد قرر رفع أسعار الوقود فقط، فخرجت مظاهرات ضمت قرابة نصف مليون فرنسي ضده ولم يُقتل أحد، بينما السيسي رفع أسعار الوقود والمياه والكهرباء والغذاء وقتل وعذب واعتقل الآلاف.

وستكشف الأيام القادمة عن اقتراب ثورة المصريين على السيسي وانقلابه، في ظل زيادات جنونية في أسعار جميع السلع والخدمات مطلع العام الجديد، تحت دعاوى مختلفة لا تنطلي على الشعب المصري، بعد مطالبات برلمان السيسي بقوانين لزيادة رواتب الشرطة والجش والقضاء، واقتراح إسناد مشروعات استثمارية للداخلية لزيادة إيراداتها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟

ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …