‫الرئيسية‬ أخبار وتقارير 5 لدغات وبوادر صدام أو هروب… الحرب الخفية بين “ساويرس والعسكر”
أخبار وتقارير - نوفمبر 4, 2018

5 لدغات وبوادر صدام أو هروب… الحرب الخفية بين “ساويرس والعسكر”

ظنَّ رجل الأعمال القبطي المثير للجدل، نجيب ساويرس، أن انقلاب 30 يونيو سوف يعزز نفوذه وسطوته، خصوصًا بعد الضغوط التي مورست عليه في عهد الدكتور محمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر، من أجل دفع ما عليه من استحقاقات وضرائب للشعب المصري بلغت 14 مليار جنيه، لكن “ساويرس” يدرك الآن أن أحداث “30 يونيو” مجردُ سراب، بل كابوسٌ حلّ عليه وعلى الشعب المصري كله، حيث تعرض لحرب شرسة من جانب الأجهزة الأمنية التي عملت على “قصقصة” نفوذه وتهميش دوره سياسيًّا وإعلاميًّا واقتصاديًّا.

وتفسير ذلك من جانب النظام، أنه أولًا يرفض أن يكون له شريك أو منافس في الحكم، خصوصًا مع مساعي “ساويرس” للسيطرة على برلمان العسكر من خلال حزبه “المصريين الأحرار”، بخلاف الشكوك التي تحوم حول ساويرس وعلاقاته المشبوهة مع الصهاينة والأمريكان خصوصا، بعد اتهامه بالتجسس على خلفية تسهيل شركته السابقة “موبينيل” للكيان الصهيوني التجسس على مكالمات المصريين، والنظام بالطبع لا يريد له شريكًا في عمالته للأمريكان والصهاينة، فالسيسي يريد أن يكون عميلًا حصريًّا لواشنطن وتل أبيب في المنطقة. ولأن النظام له توجهات سلطوية شمولية يستهدف احتكار كل شيء والقضاء على كل منافس.

«5» لدغات سامة

وتعرض ساويرس لـ«5» لدغات سامة من جانب نظام العسكر، دفعته أولا إلى بيع حصته في شركة موبينيل، ثم الإطاحة به من حزب المصريين الأحرار الذي أسسه وأنفق عليه مئات الملايين، وثالثا بإجباره على بيع قناة “أون تي في” في إطار احتكار النظام لوسائل الإعلام والفضائيات، ورابعا إفشال صفقة استحواذ “ساويرس” على صفقة شراء بنك “سي آي كابيتال” بتدخل مباشر من البنك المركزي لمنع الصفقة، وخامسا بقرار أخير صدر الخميس الماضي، غرة نوفمبر الجاري، من جانب الهيئة العامة للرقابة المالية، بمنع شركة “بولتون” المملوكة لساويرس من ممارسة نشاطها لمدة 6 شهور دون إبداء أسباب.

وبحسب وكالة رويترز، فإن السلطات منعت شركة بلتون لترويج وتغطية الاكتتاب التابعة للملياردير المصري، دون أن تكشف السبب وراء ذلك. وينص القانون الذي استندت إليه الهيئة في قرارها، على أنه لمجلس إدارة الهيئة اتخاذ تدابير من بينها منع الشركة من مزاولة كل أو بعض الأنشطة المرخص لها بمزاولتها «إذا قام خطر يهدد استقرار سوق رأس المال أو مصالح المُسهمين في الشركة أو المتعاملين معها». ولم يخض بيان هيئة الرقابة المالية في تفاصيل أسباب القرار، ولم يتسن لرويترز الاتصال بأحد مسئولي الهيئة للحصول على تعقيب. غير أن شركة بلتون المالية أكدت، في بيان صحفي، «عدم مخالفتها لأية قواعد أو قرارات تنفيذية خاصة بالطروحات الخاصة، وأن الشركة سوف تقوم باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، وفقًا للإجراءات القانونية المتبعة لحماية مصالحها ومصالح عملائها».

6 محطات فاصلة

المحطة الأولى في فبراير 2015، حيث اضطرت شركة أوراسكوم للاتصالات والإعلام والتكنولوجيا التابعة لنجيب ساويرس لبيع أسهمها في شركة “موبينيل” إلى شركة أورانج الفرنسية، في صفقة قيمتها حوالي 209.6 ملايين يورو (185.4 مليون دولار). وأوضحت أوراسكوم أن الصفقة تتضمن بيع أسهمها البالغة 5% في موبينيل وحقوق التصويت في شركة إم.تي تيليكوم البالغة 28.75%.

وتعود خفايا الصفقة إلى الاتهامات التي طالت ساويرس في 2011م، بالتجسس لحساب الموساد الصهيوني، وتم التحقيق في هذه الاتهامات مع ساويرس والمتهم فيها مهندس أردني كان يعمل لدى شركات ساويرس، وذلك عن طريق بناء أحد أبراج المحمول في منطقة العوجة الحدودية مع الكيان الصهيوني، بما يسمح بمراقبة المكالمات عن طريق الشبكة من داخل “إسرائيل”. ولكن تم التكتم على القضية، والتي انتهت ببيع “ساويرس” أسهمه تحت ضغوط الاتهام والإفلات من العقوبة الكبرى حال واصل عناده.

أما المحطة الثانية فكانت في يونيو 2015، حيث هاجم “ساويرس”- في مداخلة هاتفية مع عمرو أديب- بعد سويعات من مشاركته معه في حفل إفطار مجموعة من رجال الأعمال من داعمي صندوق “تحيا مصر”، وصدم أديب عندما لم يبد أي ترحيب أو رغبة  في المشاركة في مشروع قناة السويس، مبديًا استعداده للمشاركة في مشروع له فائدة وطائل حقيقي يعود على الناس بالخير، وكأنه يلمح بأن العكس صحيح في حالة مشروع التفريعة الجديدة. ثمّ نزل بصاعقة: “ما أظنش المشروع اتعمل له الدراسات اللازمة”، وشكك في وجود الدراسات التي تقنعه، وغيره من رجال الأعمال الكبار، بالمشاركة في الاستثمار بالمشروع. في نفس الوقت، كان يفتح أبواب قناته “ontv” على مصراعيها، لأستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، الخبير السياسي، الدكتور حازم حسني، وهو الوحيد الذي سمح له بانتقاد المشروع وصاحبه على الشاشات الموالية، وكال الاتهامات للسيسي على سوء التقدير، وسوء توقيت المشروع، وخداع المصريين بالمشاريع الوهمية، وأصبح حسني ضيفا دائما للقناة عدّة مرات بعد ذلك.

المحطة الثالثة كانت في 25 يوليو 2015، حيث نشرت صحيفة “أخبار اليوم الحكومية، في صدر صفحتها الأولى، تقريرًا موسعًا تطرق إلى تفاوض رجل الأعمال نجيب ساويرس مع العشرات من أعضاء مجلس الشعب السابقين عن الحزب الوطني المنحل، ممن لديهم شعبية في دوائرهم وأبناء العائلات، لخوض انتخابات البرلمان التي من المفترض إجراؤها قبل نهاية العام.

وأشار التقرير الذي حمل عنوان (ساويرس يفاوض المرشحين بـ”شيك على بياض”)، إلى أن ساويرس “يسعى للسطو على مجلس الشعب القادم، مستغلا في ذلك حزب “المصريين الأحرار”، باستضافة نواب الحزب الوطني السابقين على قوائمه، الأمر الذي وصفه البلاغ بـ”الرشوة الحرام”، لتعمّد إفشال رئيس الجمهورية والحكومة”.

وقال: “ما يقوم به “ساويرس” يؤثر على العملية الانتخابية ونزاهة إجرائها، ويضلل المصريين بالمال”، مطالبا النيابة العامة بالتحقيق في صحة ما جاء بتقرير “أخبار اليوم”، ومواجهة ساويرس بارتكاب جرائم خيانة الثورة ودماء الشهداء، وتشويه الدولة المصرية بخلق برلمان رأس مالي، يرى مصالح رجال الأعمال، ويُدخل الرئيس في نفق مظلم”.

المحطة الرابعة في أبريل 2016، حيث هدد ساويرس بسحب استثماراته في مصر، مضيفا “إن أرض الله واسعة”؛ وذلك في سياق تعليقه على تدخلات البنك المركزي والأجهزة الأمنية لمنع استحواذه على بنك “سي آي كابيتال”، وأكد أنه يتعرض لتضييق وتعنت من جانب الحكومة والبنك المركزي والجهاز الأمني في مصر، وقال إن “أرض الله واسعة” لاستثماراته.

أما المحطة الخامسة فكانت في مايو 2016، حيث اضطر ساويرس إلى بيع قناة “أون تي في” في سياق مساعي النظام العسكري وأجهزته الأمنية في تأميم الفضاء الإعلامي وعدم السماح لأي صحيفة أو فضائية بالخروج عن طوع النظام أو تحديه، وبرر ساويرس الصفقة لأحمد أبو هشيمة الذي كان واجهة مدنية لإحدى شركات المخابرات العامة، بأن القناة سببت له صداعا سياسيا وأغضبت منه الحكومة والقوى السياسية فكان الحل هو البيع، مضيفًا: «وصلت لمرحلة زهقت فيها ومبحبش الصداع، ومبعتهاش عشان الفلوس». كما علل ذلك بالخسائر التي تعرض لها؛ لكن الآيام أثبتت أنه كان مكرها على ذلك من جانب الأجهزة السيادية، وإلا تعرضت أنشطته الاقتصادية لعقبات وحصار  ليس مستعدا له.

وفي ديسمبر 2016، كانت المحطة السادسة؛ حيث تمت الإطاحة بساويرس من حزب المصريين الأحرار الذي أسسه عام 2011 وأنفق عليه مئات الملايين، من أجل بسط نفوذه السياسي وحماية مشروعاته واستثماراته التي جعلته أثرى أثرياء العالم، لكن الأجهزة الأمنية تمكنت من اختطاف الحزب والإطاحة بساويرس بكتف غير قانوني.

وفي المؤتمر العام للحزب، بفندق الماسة التابع للمؤسسة العسكرية، وافق 620 عضوا من 645 حضروا المؤتمر على تعديل لائحته الداخلية، وإلغاء مجلس الأمناء الذي كان يرأسه “ساويرس”. وأعلن عصام خليل، رئيس الحزب، عن تبرعه بتجهيز مقر بديل للحزب بشارع العروبة بمصر الجديدة، بعد أن طلب المهندس نجيب ساويرس من قيادات الحزب إخلاء مقر الحزب القديم وقتها بوسط القاهرة. ومع ضربات القناة والحزب اعتبر ساويرس ذلك “تأميمًا”، ما يعني أن السلطة اغتصبت شيئًا مملوكًا له بالإكراه.

صدام أم هروب؟

ساويرس من جانبه عنيد للغاية، لكنه يخشى على استثماراته الضخمة، خصوصًا أنه تمتع ولا يزال في ظل نظام العسكر، سواء أيام مبارك أو السيسي، بامتيازات واسعة مكنته بوسائل مشروعة وغير مشروعة من السطو على مليارات ضخمة عبر صفقات بيع الأراضي وساحل البحر الأحمر الذي أنشأ عليه مدينة “الجونة”.

وشكا ساويرس لوسائل إعلام أجنبية من هذه المعاملة وهذا التهميش، حيث قال: «إنهم يثقون بالجيش أولًا. ويقبلون بوجود القطاع الخاص»، ويشكو الملياردير القبطي من أن بعض خططه التجارية المصرية قد أحبطت بسبب تدخل الدولة. وأضاف: «يمكن لأجهزة الأمن حظر أي مشروع. فلديهم شركات خاصة بهم الآن. إن الوضع سيئ».

كان ساويرس قد انتقد الوضع الاقتصادي في البلاد، ووصفه بـ”سمك لبن تمر هندي”، وكرر رجل الأعمال القبطي هجومه أكثر من مرة، مطالبا بفتح المجال بشكل أكبر أمام القطاع الخاص للاستثمار.

أمام هذه الحرب الخفية، والتهميش المتواصل لساويرس سياسيا وإعلاميا واقتصاديا، هل يدخل رجل الأعمال المثير للجدل في صدام مع النظام العسكري أم يقرر الهروب باستثماراته كما هدد في مقاله المنشور بالأخبار منتصف عام 2015م؟ الأرجح أن ساويرس سينحني وسيظل ينحني خوفًا على استثماراته من جهة، أو فتح تحقيقات التجسس وغيرها من جهة أخرى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟

ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …