‫الرئيسية‬ أخبار وتقارير قراءة في خطاب السيسي.. 3 رسائل وتهديدات في خطاب ذكرى انقلاب 23 يوليو
أخبار وتقارير - يوليو 24, 2018

قراءة في خطاب السيسي.. 3 رسائل وتهديدات في خطاب ذكرى انقلاب 23 يوليو

خطاب الجنرال قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي، أمس، بمناسبة الذكرى الــ66  لانقلاب 23 يوليو 1952م، وتخريج دفعات من الكليات العسكرية، يمثل في حد ذاته دليل إدانةٍ لعهد الجنرال ونظام 30 يونيو، الذي تأسس عبر إجهاض المسار الديمقراطي ونسف مكتسبات ثورة 25 يناير 2011م.

فخطاب السيسي أمس تناول عدة رسائل: أهمها الإشادة بـ”ثورة 23 يوليو”، وأنها وضعت مصر على خريطة العالم، وهل كانت مصر قبلها ليست على خريطة العالم؟ فمصر منذ آلاف السنين وهي بؤرة خريطة العالم، ولم يتم تقزيمها إلا بعد انقلاب 23 يوليو. كما بالغ الجنرال في حديثه عن الشائعات ودورها في تفجير الدول من الداخل، وثالثا التمسح والتحصن بالمؤسسة العسكرية ثم توظيف فزاعة الفوضى مع إشارة خفيفة عن مستقبل البلاد.

الرسالة الأولى: انقلاب 23 يوليو

جاءت إشارة السيسي إلى ما أطلق عليها ثورة 23 يوليو، وأنها غيَّرت الحياة في مصر ووضعتها على خريطة العالم!، لكن الجنرال لم يدلل على صحة هذا الاستنتاج، ويمكن التدليل على صحة أو خطأ ما ذهب إليه الجنرال بالاحتكام إلى ما تحقق من المبادئ الستة التي أعلنها بيان 23 يوليو، وهي: القضاء على الإقطاع- القضاء على الاستعمار- القضاء على سيطرة رأس المال على الحكم- إقامة حياة ديمقراطية سليمة- إقامة جيش وطني قوي- إقامة عدالة اجتماعية.

 

 

فهل تحقق إقامة نظام ديمقراطي سليم، أم أفضت حركة الضباط إلى نظام حكم استبدادي ديكتاتوري يحكم مصر منذ أكثر من 60 سنة بالحديد والنار؟ وهل تم القضاء على الاستعمار أم تحول الحكام الجدد من الجنرالات إلى احتلال بالوكالة يضمن مصالح القوى الإمبريالية ويكرس حماية الكيان الصهيوني بسياسيات ترواحت بين الفشل والخيانة إضافة إلى قمع شعوبنا المتطلعة نحو الحرية والاستقلال الحقيقي؟

وهل تم القضاء على الإقطاع أم تم تأسيس نظام جديد يجعل الإقطاع حكرا على المؤسسة العسكرية التي باتت تلتهم كل شيء؟  فهي من تحكم، وهي من تهيمن على الاقتصاد وتؤمم الفضاء الإعلامي وتمارس جميع أشكال السلطوية والاحتكار على جميع المستويات. وإذا ذهب إقطاعي جاء بدلا منه مائة إقطاعي من قادة الجيش وجنرالاته ولواءات المخابرات والشرطة وكبار السئولين بالنظام العسكري.

وأين هو الجيش الوطني القوي؟ وقد تسلم مصر تضم السودان وغزة وسيناء، ولم يهلك الديكتاتور عبد الناصر حتى انفصلت السودان وغزة، واحتل الصهاينة سيناء ولا يزالون يمارسون فيها عربدتهم حتى اليوم رغم اتفاقية السلام المزعوم، واسترداد سيناء الصوري، فالجيش المصري لا يستطيع أن يحرك دبابة أو طائرة إلا بإذن من تل أبيب! فأين هي السيادة الوطنية على سيناء؟! وهل الجيش القوي هو الذي يغير عقيدته حفنة من الجنرالات الفسدة فيوجه سلاحه من العدو إلى الشعب ليقوم بعشرات المذابح الدموية بحق أكبر قوة شعبية في البلاد خوفا على مصالح وامتيازاتهم؟ وهل الجيش القوى هو الذي يترك حماية حدود البلاد ليتحول كبار قادته إلى ساسة وحكام و”بيزنس مان” وأصحاب حظوة ونفوذ في المجتمع المدني والاقتصادي؟

وأين هو القضاء على رأس المال وسيطرته على الحكم وإقامة عدالة اجتماعية، وقد مارست المؤسسة العسكرية ولا تزال أبشع صور السيطرة على رأس المال والحكم؟ وهل بات أحد ينافس المؤسسة العسكرية في الحكم أو الاقتصاد أو الهيمنة على الفضاء الإعلامي والسياسي وقمع الشعب بالحديد والنار؟ فكل القوانين والتشريعات إنما تكرس ضمان حماية امتيازات المؤسسة العسكرية ومؤسسة الشرطة والقضاء على حساب الشعب الذي يئن من الألم والمعاناة على وقع الاستبداد والقمع من جهة، والغلاء الفاحش من جهة أخرى.

وأين مصر الآن على خريطة العالم؟ شبه دولة تعاني من الاستبداد والديكتاتورية، لا تنتج شيئا على الإطلاق، وتستورد أكثر من 70% من غذائها من الخارج، اقتصادها ينهار وعلى وشك الإفلاس، فقد تجاوزت ديونها 5 تريليونات جنيه اقترض السيسي وحده خلال 4 سنوات ثلثي هذا الرقم الضخم دون إنجاز يذكر. ويعاني شعبها من الجوع والغلاء وقد هبط نصفهم إلى تحت خط الفقر بعد تعويم الجنيه في نوفمبر 2016.

الرسالة الثانية: “21” ألف شائعة

حديث الجنرال عن “21” ألف شائعة خلال 3 شهور فقط يمثل دليل إدانة لنظامه؛ فالشائعات لا تنمو إلا في النظم السلطوية الديكتاتورية، أما النظم الحرة الديمقراطية فإن كشف الحقائق والشفافية يمثل أكبر حماية للمجتمع من الشائعات.

الغريب في الأمر أن السيسي بهذه التصريحات يبعث برسالة تخويف لأي مستثمر يفكر حتى مجرد التفكير في الاستثمار في مصر؛ فمن هذا المعتوه الذي يستثمر في بلد تحركه الشائعات وتثير ذعر أكبر رأس فيه، وتقف جميع مؤسساته مشلولة أمام هذه الأوضاع المزرية؟

بالطبع السيسي يكذب ويبالغ في مسألة الشائعات وهذا الرقم الضخم، وهل لا تزال الشائعات تنطلق بنفس النسبة أم توقفت أمس بعد خطاب الجنرال؟ وإذا كانت مستمرة فهل يمكن أن يذكر لنا الجنرال وأركان حكومته الـ250 شائعة الجديدة التي انطلقت أمس؟ ولماذا يبالغ الجنرال في هذا الرقم المهول والمبالغة حتى في طرح الموضوع؟ وما هدفه من وراء ذلك؟

 

 

تفسير ذلك أن الجنرال يتهرب من الإجابة عن الأسئلة: لماذا يفشل النظام في تحقيق أي إنجاز يذكر؟ ولماذا يسن القوانين التي تضاعف معاناة الشعب؟ ولماذا يعتمد فقط على القروض والضرائب الباهظة؟

كما أن الجنرال في المبالغة عن الشائعات إنما يعكس حالة من الإفلاس السياسي، وعدم القدرة عن تقديم أي شيء جديد يمكن أن يخاطب به الشعب.

ويمكن فهم هذه المبالغة في الحديث عن الشائعات باعتبارها تعكس حجم المخاوف من السوشيال ميديا، ودورها الخطير في إسقاط نظام مبارك واندلاع شرارة ثورة 25 يناير، يضاف إلى ذلك أن النظام قد أحكم قبضته على الفضاء الإعلامي بتأميم الصحافة والسيطرة على الفضائيات بوسائل متعددة منها التشريعات، ومنها الشراء ومنها القمع والمصادرة والغلق ولم يبق أمام النظام سوى السوشيال ميديا التي لا سيطرة له عليها، وقد تضمن قانون تنظيم الصحافة الذي تم تمريره مؤخرا عدة مواد تتيح للنظام مصادرة المواقع والصفحات وغلق الحسابات الشخصية بناء على تحريات أمنية. وربما يبالغ النظام ويقوم بغلق بعض مواقع السوشيال ميديا نهائيا أو حصارها بشدة، بما يسمح للنظام التحكم فيها بنسبة كبيرة.

الرسالة الثالثة: التهديد بفزاعة تفجير الدولة

الرسالة الثالثة التي تناولها خطاب الجنرال هي توظيف خطاب الفزاعة حول تفجير الدول من الداخل، وهو ما حمله للجهات التي تروج الشائعات على حد مزاعمه، دون أن يتطرق للأزمات المأساوية التي تتعرض لها البلاد مثل الغلاء الفاحش وحوادث الطرق والقطارات والمترو والحرائق المروعة، ورفع أسعار الوقود والكهرباء والمياه وتذاكر المترو وجميع الخدمات، السيسي تجاهل كل ذلك وكثف الحديث عن الشائعات واستخدام فزاعة الفوضى وتفجير الدولة من الداخل؛ وهل يحدث الانفجار من الداخل إلا بسبب ظلم النظام وبطشه وقمعه؟ وهل تنفجر الثورات إلا لأن النظم تفشل في تحقيق أدني معدل من الحياة الكريمة للمواطنين؟  وما السبب في تفشي روح اليأس والإحباط؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟

ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …